صحافة عالمية ” ما حصل لـ حزب الله هو ثمن دعمه للأسد “
أفادت تقارير صحفية غربية أن مشاركة حزب الله اللبناني في الحرب السورية قد أدت إلى تسهيل عمليات استخباراتية إسرائيلية، مما أتاح الفرصة لعملاء إسرائيل لاختراق التنظيم بشكل أعمق.
وفقًا لهذه التقارير، فإن تدخل حزب الله إلى جانب النظام السوري منذ بدء الحراك المسلح في البلاد، جعله عرضة لمخاطر استخباراتية متعددة، حيث استفادت إسرائيل من تحركات الحزب خارج لبنان لجمع معلومات دقيقة.
كما أشارت التقارير إلى أن التورط العسكري لحزب الله في سوريا استنزف موارده وطاقاته، وجعله هدفًا أسهل أمام عمليات التجسس، في وقت سعت فيه إسرائيل إلى تعزيز قدراتها الاستخباراتية ومراقبة أنشطة الحزب عن كثب.
ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن جودة وعمق المعلومات الاستخباراتية ساعدا قوات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قلب الموازين ضد جماعة حزب الله اللبنانية. وأشارت الصحيفة إلى أن تدخل حزب الله في سوريا أسهم في كشف العديد من أسرار الجماعة، مما أتاح لإسرائيل فرصة استغلالها.
في نفس السياق، ذكرت صحيفة غارديان أن اختراقًا استخباراتيًا عميقًا كان العامل الرئيسي الذي مكّن إسرائيل من تنفيذ عمليات استهدفت قيادات في حزب الله، من بينها اغتيال زعيم الحزب حسن نصر الله.
وأوضحت “فايننشال تايمز” أن تصريحات أحد الطيارين الإسرائيليين، الذي تفاخر بعد إسقاطه للحمولة التي تسببت في مقتل زعيم حزب الله السابق، قائلاً: “سنصل إلى الجميع في كل مكان”، تخفي وراءها واقعًا معقدًا. حيث إن التغيير في موازين القوى لم يتحقق إلا مؤخرًا، بفضل المعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي حصلت عليها إسرائيل خلال الشهرين الماضيين.
وأفاد تقرير فايننشال تايمز، أن التحول الرئيسي في مواجهة إسرائيل لجماعة حزب الله جاء نتيجة إعادة توجيه شاملة لجهود جمع المعلومات الاستخباراتية. ويعود هذا التحول، بحسب مسؤولين حاليين وسابقين، إلى الفشل العسكري في تحقيق ضربة قاضية ضد حزب الله خلال حرب 2006.
على مدى العقدين التاليين، أوضحت الصحيفة أن وحدة الاستخبارات الإشارية الإسرائيلية المتطورة 8200، إلى جانب فرق أخرى، استخلصت كميات هائلة من البيانات لرسم خريطة شاملة لتحركات حزب الله. وقد أتاح هذا الكم من المعلومات لإسرائيل فرصة تعزيز قدراتها في مواجهة الحزب.
ونقلت “فايننشال تايمز” عن ميري إيسين، ضابطة استخبارات سابقة، أن هذا التحول كان ضروريًا لإسرائيل بعد أن استنزف حزب الله إرادتها وقدرتها على التحمل، مما أجبرها على انسحاب مخزٍ من جنوب لبنان في عام 2000، مصحوبًا بخسارة كبيرة في القدرة على جمع المعلومات الاستخباراتية.
وأضاف التقرير أن هذا الفشل دفع الاستخبارات الإسرائيلية إلى توسيع نطاق عملياتها لفهم حزب الله بشكل أعمق، حيث لم تعد تركز فقط على جناحه العسكري، بل توسعت لدراسة طموحاته السياسية، ارتباطاته المتزايدة بالحرس الثوري الإيراني، وعلاقاته الوثيقة المجرم السوري بشار الأسد. هذا النهج الجديد ساعد إسرائيل على مراقبة حزب الله بدقة، مشابهة للطريقة التي تدرس بها الجيوش التقليدية مثل الجيش السوري.
كما أشار التقرير إلى أن توسع قوة حزب الله ونشر قواته في سوريا لدعم نظام بشار الأسد في قمع المعارضة، منح إسرائيل فرصة ذهبية لاستغلال نقاط ضعف الحزب. حيث أصبح مقاتلو حزب الله أكثر عرضة لاختراقات الجواسيس الإسرائيليين الذين نشطوا في نشر عملاء وبحثوا عن منشقين محتملين داخل صفوف الحزب.
هذا التحرك مكّن إسرائيل من الحصول على صورة دقيقة عن هيكلية قيادة حزب الله، بما في ذلك تحديد المسؤولين عن العمليات، ومتابعة الترقيات داخل التنظيم، والكشف عن حالات الفساد، بالإضافة إلى تتبع تحركات بعض الأفراد الذين عادوا من رحلات غير مفسرة.
وذكر التقرير أيضاً أن الحرب في سوريا أنتجت كميات هائلة من البيانات التي أصبحت في متناول جواسيس إسرائيل وخوارزمياتها المتطورة. ومن بين هذه المصادر، كان إعلان حزب الله المنتظم عن قتلاه، والذي يحمل معلومات دقيقة مثل بلدات المقاتلين ودائرة معارفهم، بمثابة نافذة استخباراتية ثمينة. كما أن الجنائز التي كان يحضرها كبار قادة الحزب، حتى لو لفترات قصيرة، وفرت فرصًا إضافية للاستخبارات الإسرائيلية لمراقبة تحركاتهم.
ونقلت الصحيفة عن سياسي لبناني رفيع المستوى في بيروت قوله إن اختراق حزب الله من قبل الاستخبارات الإسرائيلية أو الأميركية كان “ثمنًا لدعمهم للأسد”. وأوضح السياسي أن الحزب اضطر للكشف عن نفسه بشكل أكبر في سوريا، مما أجبره على التواصل وتبادل المعلومات مع أجهزة استخباراتية فاسدة، مثل المخابرات السورية، وكذلك التعامل مع الأجهزة الروسية التي تخضع لمراقبة دقيقة من قبل الأميركيين.ثمنًا لدعمهم للأسد
ويرى يزيد صايغ من مركز كارنيغي للشرق الأوسط، وفقًا للصحيفة، أن التغيير الذي طرأ على حزب الله خلال عملياته في سوريا كان بداية لضعفه. فقد تراجعت قدراته على الصمود أمام التفوق الاستخباراتي الإسرائيلي، وهو ما كان يتفاخر به في لبنان.
بالمقابل، عززت إسرائيل تركيزها على الحزب مستفيدةً من تفوقها التقني المتزايد، والذي شمل استخدام أقمار التجسس والطائرات المسيرة المتطورة، بالإضافة إلى قدرات القرصنة الإلكترونية التي حولت الهواتف المحمولة إلى أجه.
شاهد أيضاً : ميليشيا حزب الله تقصف سرمين في ريف إدلب وتوقع ضحايا مدنيين