الدول الضامنة: بين مؤيد خفي ومعارض لمعركة “ردع العدوان”
الدول الضامنة: بين مؤيد خفي ومعارض لمعركة "ردع العدوان"
وسط تسارع كبير في المتغيرات العسكرية على خارطة مناطق شمال غرب سوريا، حيث علقت الدول الثلاث الضامنة لمسار “أستانا” على المعركة العسكرية “ردع العدوان” التي أطلقتها فصائل المعارضة السورية في يوم الأربعاء 27 تشرين الثاني الجاري، وذلك وسط تقدم كبير حققته خلال اليوميين الماضيين بتحرير مدن وبلدات مهمة بريفي حلب الغربي والجنوبي وعلى أجزاء من ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، والتي تكللت اليوم بتحرير معظم أحياء مدينة حلب، وتُعد هذه مناطق استراتيجية للمعارضة، وستشكل ورقة سياسية رابحة تضاف إلى الملف السياسي السوري.
الثنائي روسيا وإيران يستنكران تقدم المعارضة
صرّح المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، خلال مؤتمر صحفي اليوم الجمعة، بأن الكرملين يعتبر تقدم فصائل المعارضة العسكرية في مناطق شمال غرب سوريا، التي كانت خاضعة تحت سيطرة النظام السوري، “تعدياً على سيادة سوريا” وجاء ذلك عقب إعلان فصائل المعارضة أمس الجمعة، بتحرير عشرات المدن والبلدات بريف إدلب وحلب وعدة أحياء من مدينة حلب، وكما أشار إلى أن روسيا تعمل على دعم إبقاء النظام في المنطقة، داعياً إلى فرض سيطرته وإعادة النظام الدستوري بأسرع وقت ممكن”.
وفي ذات السياق، ذكرت وكالة “رويترز” نقلا عن مصدرين عسكريين سوريين، أن النظام السوري تلقى وعدا من روسيا بتقديم له الدعم ومساعدته لمنع فصائل المعارضة السورية من السيطرة على مدينة حلب، ولفت المصدر أنه من المتوقع وصول عتاد عسكري روسي جديد إلى قاعدة مطار حميميم خلال 72 ساعة القادمة.
ومن جهتها، أدانت وزارة الخارجية الإيرانية التحركات العسكرية الأخيرة لفصائل المعارضة السورية، معتبرةً أنها “خطة ثنائية مشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار منطقة غرب آسيا”، وأن تلك التحركات تمثل انتهاكاً صارخاً للاتفاقات المنصوص عليها في مسار “أستانا”، وأضافت الوزارة على لسان وزيرها إسماعيل بقائي، أن أي عملية تأخير في التصدي للحركات الإرهابية في سوريا سيعرض كل الخطوات المنجزة السابقة في مكافحة الإرهاب على مدى السنوات الماضية لخطر، ويدفع المنطقة نحو مرحلة جديدة من انعدام الأمن وغياب الاستقرار، ، وشدد على ضرورة التنسيق بين دول المنطقة وخاصة جيران سوريا لإحباط هذه المؤامرة الخطيرة”، بحسب وصفه.
موقف تركيا من الهجمات والتحركات العسكرية
أكدت وزارة الخارجية التركية، في بيان لها بالتزامها بتنفيذ اتفاقيات “خفض التصعيد” المبرمة في أستانا عام 2017 في مناطق شمال غرب سوريا، وأوضحت أن أولويتها القصوى تتمثل في الحفاظ على الهدوء في إدلب والمناطق المجاورة لها و وحدة الأراضي السورية وسلامتها، والعمل على استعادة الاستقرار والسلام في منطقة من خلال مكافحة الإرهاب، كما نوهت إلى أنها “حذرت على منصات دولية مختلفة من أن الهجمات الأخيرة على إدلب بلغت مستوى يقوض روح اتفاقيات أستانا وتنفيذها، ومشيرة إلى وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين، وأنها شددت على ضرورة وضع حد لهذه الهجمات”.
وأضافت الخارجية التركية أنها تتابع عن كثب آخر التطورات والاشتباكات الدائرة الأخيرة في شمال غرب سوريا، التي أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة، وكما أعربت عن قلقها إزاء الهجمات “الإرهابية” المتزايدة ضد المدنيين وكذلك على أراضيها من قبل “الجماعات الإرهابية” المتركزة في تل رفعت ومنبج بريف حلب الشمالي، مشيرة إلى أن الاتفاقيات الدولية الرامية إلى إنهاء وجود هذه الجماعات لم تُنفذ بعد”.
ومن جانبه أوضح وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال كلمته في منتدى “TRT” العالمي، أن بلاده “ليست منخرطة في العمليات العسكرية الدائرة في مدينة حلب”، مشدداً في السياق ذاته أن حكومة بلاده “تتخذ الاحتياطات والتدابير اللازمة، وأنها ستعمل على تجنب أي إجراء قد يؤدي إلى موجة هجرة جديدة على حدودها”.
المعارضة السورية “ردع العدوان” هدفها ردع اعتداءات النظام
وفي بيان صحفي سابق، للائتلاف الوطني السوري، قال إن العمليات العسكرية التي بدأتها فصائل المعارضة العسكرية في شمال سوريا ضد مواقع النظام السوري، هدفها الرئيسي هو ردع اعتداءات قوات النظام وميليشياته المدعومة من إيران، وكما تهدف العمليات حماية المدنيين من الذين نزحوا وهجّروا قسراً من مدنهم وبلداتهم، بعد تحريرها من الميليشيات الطائفية المدعومة إيرانيًا، وذلك لضمان عودتهم الطوعية بكرامة وتحفظ لهم أمنهم وكرامتهم.
وأوضح البيان، إلى أنه لا بدّ من إيصال سوريا إلى بر الأمان وحمايتها من المشاريع التقسيمية والانفصالية، ومطالباً “بعودة سوريا دولة مستقلة ذات سيادة غير منقوصة على كامل أراضيها”، ومشيراً إلى ضرورة أن تكون تلك الدولة ذات نظام وحكم قائمين على أسس الديمقراطية والعدالة والحرية، وسيادة القانون الذي يضمن حقوق المواطنين بمختلف مكوناتهم ويكفل حرياتهم”.
وأضاف بيان “الائتلاف الوطني”، أن “على النظام وداعميه أن يدركوا أنه لا مهرب من العودة إلى طاولة المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي ينفذ وفق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بسوريا بصورة كاملة وصارمة، ولا سيما من خلال القرارين الأمميين “2254” و”2118″، وأنه لا حل مستداماً لسوريا ولا سبيل لإعادة وحدة أراضيها وشعبها ألا من خلالهما”.
وعلى خلفية العمليات العسكرية التي تشهدها محافظتي إدلب وحلب، ودعم تركيا غير المباشر للفصائل المعارضة السورية في عملياتها العسكرية، فقد يبدو في الأيام القادمة، أن المشهد السياسي في سوريا سيفرض نفسه على الساحة السياسية الدولية ليعود إلى الواجهة الأمامية من جديد، ولا سيما أن تصدر هذا المشهد سيظل مرهوناً بتغير خارطة التحولات العسكرية والسياسية في آن واحد.
اقرأ أيضاً: أول تعليق من التحدث الرسمي التركي على عملية “ردع العدوان” في سوريا