كيف يدفع المهجرون في الشمال السوري ثمن بقاء الأسد؟
في السنوات الأخيرة، شهد الشمال السوري تحولاً كبيراً في المشهد السياسي والاقتصادي، حيث تأثرت الحياة اليومية لملايين المهجرين، يشير الوضع الراهن إلى حقيقة مؤلمة تتمثل في أن المهجرين هم من يتحملون تبعات الصراع الطويل والذي يتسم بالصراعات المتعددة وتعقيدات السلطة.
تُجسّد محافظة إدلب وريفها وأجزاء من شمال حلب الأمثلة الأمثل على كيفية تأثير الحرب على حياة الناس، وعلى الرغم من أن هذه المناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة، إلا أن نظام الأسد لا يزال له تأثير كبير على الأوضاع الاقتصادية والسياسية.
فالتداعيات الوخيمة لهذا التأثير تنعكس بشكل واضح على المهجرين، الذين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم.
في ظل هذه الظروف، يعاني المهجرين من ارتفاع معدلات الفقر، حيث تفيد التقارير أن أكثر من 80% من سكان شمال سوريا يعانون من نقص شديد في الموارد الأساسية.
تكون التكاليف الاقتصادية باهظة؛ إذ يتعين عليهم شراء المواد الغذائية والمياه، ورغم أن الكثير منهم يعيشون في مخيمات، إلا أن الخدمات الأساسية تظل غير كافية، هذا الأمر يستدعي تساؤلات حول كيفية إدارة هذه الموارد القليلة في ظل الاستغلال من كل الأطراف.
كما تلعب السيطرة المستمرة لنظام الأسد دورًا في تحديد مستقبل هؤلاء المهجرين، يؤدي القصف المستمر لعدم استقرار حركة الناس ما يجعل عيشهم غير آمن، مما يؤثر بشكل سلبي وكبير على حياة هؤلاء، مما يضاعف من أعباء هؤلاء الناس.
يتزامن هذا مع اضطراب الأسواق، حيث يتم استغلال الظروف الاقتصادية الصعبة لتحقيق مكاسب مالية على حساب المهجرين، وفي هذا السياق، تعتبر الأسواق السوداء جزءًا لا يتجزأ من النظام الاقتصادي في المنطقة، حيث يتم تداول السلع بأسعار مرتفعة بسبب نقص العرض وزيادة الطلب.
جانب آخر أساسي يتعلق بالسياسة، حيث يسعى نظام الأسد لاستعادة السيطرة على كل الأراضي، بما فيها تلك التي تسيطر عليها المعارضة والثوار والتي يقطن فيها أكثر من 6 مليون نسمة من المهجرين، الذين فرّوا من بطش الأسد وميليشياته.
لذا، فإن المنظمات الإنسانية تواجه تحديات كبيرة في تقديم المساعدة للمهجرين، وفي معظم الأحيان تكون المساعدات مشروطة بما يتماشى مع رؤية سلطات الأمر الواقع، مما يضع المجتمع الدولي في مأزق، فهل يجب الالتزام بأخلاقيات المساعدة والتركيز على المهجرين، أم اتباع سياسات تضمن التعاون مع سلطات اليوم؟
يمكن القول إن النازحين في شمال سوريا يدفعون ثمن بقاء الأسد في القمة، حيث أفقدهم عدم الاستقرار والضغط السياسي هوياتهم وسبل عيشهم، لا يزال العديد منهم يتطلعون إلى العودة إلى ديارهم، إلا أن الواقع القاسي لأرضهم لم يسمح لهم بذلك.
يعيشون في انتظار نقطة تحول قد تتيح لهم العودة، لكن يبدو أن هذه النقطة بعيدة المنال في ظل استمرار الأسد في السلطة وسط مطالبات لهؤلاء المهجرين بإسقاطه مع حاشيته وميليشياته والعودة الكريمة لأراضيهم واستقلال آرائهم السياسية والمدنية والتي تعطهم حق بناء وطن حر كريم.
من المهم أن يستمر المجتمع الدولي في دعم هذه الفئات المتضررة، ليس فقط من خلال المساعدات الإنسانية، ولكن أيضًا من خلال الضغط على الأطراف المعنية لتوفير بيئة آمنة للعيش والعودة، وإن تعزيز السلام والاستقرار في شمال سوريا أمر ضروري، ولكن ذلك لا يكفي بدون التركيز على تقديم الدعم الكافي للمهجرين الذين لا يزالون يعانون في ظل الظروف الصعبة.
بهذا الشكل، فإن التحديات التي يواجهها المهجرين في شمال سوريا تلقي الضوء على مأساة إنسانية كبيرة، في النهاية تتحمل هذه الفئة الثمن الأكبر في مواجهة بطش الأسد وقصفه رغم تهجريهم للخيام، بين انتظار ردٍّ من قبل فصائل المعارضة والثوار لأخذ الحق لهم ولدماء أبنائهم.
يجب أن تكون أصواتهم مسموعة وأن يحصلوا على الدعم الذي يحتاجونه للبدء في بناء مستقبل أفضل بعيدًا عن نير الصراع والفساد.
اقرأ أيضاً: منسقو الاستجابة: أكثر من 6.6 مليون نسمة يقطنون شمال غربي سوريا