الإيديولوجيات الدينية كأداة للسيطرة السياسية في سوريا
الإيديولوجيات الدينية كأداة للسيطرة السياسية في سوريا
في ظل الأزمات العميقة التي تجتاح سوريا اليوم، أصبح من الضروري تسليط الضوء على كيفية استخدام الإيديولوجيات الدينية لتبرير السياسات القمعية وتعزيز الأنظمة الحاكمة. وفي هذا السياق، نرى كيف أصبح بعض رجال الدين أدوات في أيدي القوى المسيطرة لتبرير السياسات غير العادلة والقاسية.
دور الدين في تعزيز السياسات القمعية
حيث يعيش الناس في سوريا تحت وطأة الصراعات المستمرة والتغيرات السياسية الكبرى، نجد أن الدين يمكن أن يصبح أداة فعالة في أيدي القوى المسيطرة. فبدلاً من أن يلعب رجال الدين دورهم التقليدي كزعماء روحيين يقدمون النصح والإرشاد، نرى بعضهم يندمجون في السياسة بطريقة تهدف إلى ترسيخ السلطة وتبرير السياسات التي قد تكون ضارة أو غير عادلة. “إن الدعاة الذين يبررون سياسات الحكام هم في الواقع يؤسسون لطغيانهم“. وفي هذا السياق، يصبح الدين أداة لتبرير السياسات القمعية وتعزيز الطغيان.
استخدام الدين عبر التاريخ للسيطرة السياسية
لم يكن استخدام الدين كأداة للسيطرة أمراً جديداً في تاريخ سوريا. فقد رأينا منذ فترة طويلة كيف استخدم النظام السوري الدين ورجال الدين لتعزيز سلطته. وعلى مدى عقود من الزمن، وظف النظام شخصيات دينية لتعزيز نفوذه في المجتمع والترويج لسياساته من خلال ربطها بالدين. ويشمل هذا الاستغلال قيام بعض رجال الدين بدعم القرارات السياسية والاقتصادية للنظام، مما يعزز صورة النظام كحامي للدين ووسيلة لتعزيز سلطته.
أحداث واقعية تعكس تأثير الدين على السياسة
تتجلى هذه الديناميكية بوضوح في الأحداث الأخيرة في شمال سوريا. على سبيل المثال، تم دعم معرض الكتاب في إدلب من قبل القوى المسيطرة لتقديم المدينة في ضوء إيجابي، يعكس كيف يتم استخدام الإعلام والثقافة كأدوات لتعزيز المصالح السياسية. في الوقت نفسه، تعرضت منظمة بنفسج للهجوم بعد إشعال الشعلة في إدلب، من قبل بعض الجماعات الدينية. أثارت خطبة الرفاعي في أعزاز، والتي انتقد فيها المنظمات العاملة في المنطقة، جدلاً واسع النطاق وأظهرت كيف يمكن استخدام الدين لمهاجمة الساعين إلى إحداث تغيير إيجابي في المجتمع. “استغلال الدين لخدمة السياسة هو أخطر أشكال الفساد الفكري، لأن التلاعب بالمعتقدات يؤثر على قلوب وعقول الناس”. تسلط هذه الأحداث، إلى جانب حوادث أخرى مماثلة، الضوء على كيفية استخدام الدين كأداة لتبرير أفعال وسياسات معينة ومهاجمة أفعال وسياسات مماثلة أخرى، ويسعى البعض إلى ترسيخ فكرة أن الدين يعوق التغيير.
استغلال الدين كأداة سياسية
يوضح التاريخ السوري الحديث كيف يمكن أن يصبح الدين أداة لخدمة سياسات قمعية. في السياق الحالي، نرى بعض الشخصيات الدينية تدافع عن سياسات اقتصادية واجتماعية تضر بالناس، مستخدمة الدين كغطاء لتبرير هذه السياسات. “الحرية تبدأ بالتحرر الفكري، والوعي السليم يتطلب التخلص من الأوهام التي يزرعها دعاة السلاطين في عقول الناس” ولا يقتصر هذا الاستغلال للدين على جانب واحد من جوانب الحياة السياسية، بل يشمل مجالات متعددة، مما يؤدي إلى التلاعب بالمعتقدات والتأثير سلباً على الفكر والوعي المجتمعي.
دعوة للتفكير النقدي والتحليل
مع استمرار هذه الديناميكية في سوريا، يصبح من المهم الدعوة للتفكير النقدي والتحليل بعيداً عن التأثيرات السياسية والدينية. تحتاج المجتمعات إلى استعادة استقلال الفكر والقدرة على التمييز بين المبادئ الدينية الحقيقية والسياسات التي تستخدم الدين كأداة لتعزيز السيطرة والقمع. “لن يتحرر المجتمع حتى يتحرر من الدعاة الذين يخدمون السلاطين“. ومن خلال هذا الوعي فقط يمكن للمجتمعات أن تبدأ في التخلص من التأثيرات السلبية للأيديولوجيات الدينية واستعادة حقوقها وحرياتها.
اقرأ أيضاً: إدلب وكتم أصوات الصحفيين والصحفيات كي لا تُنقل الصورة