مقالات الرأي

من قيصري إلى الباب..ما سر صور أبو عمشة وسيف أبو بكر مع دولت بهجلي والذئاب الرمادية ؟

من قيصري إلى الباب..ما سر صور أبو عمشة وسيف أبو بكر مع دولت بهجلي والذئاب الرمادية ؟

سال حبر كثير حول الصور التي خرجت من لقاءات زعيمي “القوة المشتركة” سيف ابو بكر قائد “فرقة الحمزة” ومحمد الجاسم “أبو عمشة” قائد “فرقة السلطان سليمان شاه” مع رئيس “حزب الحركة القومية” التركي “دولت بهجلي”، بالإضافة إلى أحد زعماء “جماعة الذئاب الرمادية” القومية التركية “علاء كاجكي”.

الكلام عن ذلك عاد ليتجدد مع التوتر والحشود العسكرية التي شهدتها مدينتا الباب وعفرين خلال الأيام الثلاثة الماضية.

بعض ما كتب كان واقعياً ومنطقياً، وبعضه مجرد تحليلات، قسم منها لم يكن واقعياً للأسف بسبب افتقاد أصحابه للمعلومات الكافية ربما.

أولاً: يجب أن نعرف أن هذه اللقاءات التي عقدها سيف وأبو عمشة مع زعماء الحركة القومية، جاءت في وقت تشهد فيه العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وبين الحركة القومية توتراً يصنفه خبراء الشأن التركي أنه من مستوى “خطير”.

تانياً: يرى أصحاب هذا التقدير أن أردوغان وحزبه بدأوا يشعرون بخطئهم الجسيم مع التغلغل السريع للحركة القومية داخل مؤسسات الدولة (الصورة1-قائد القوات الخاصة في الجيش التركي يقبل يد الزعيم بهجلي) وأن الحركة بحضورها المتنامي في الشارع، من خلال مجموعات الذئاب الرمادية، تستهدف السيطرة على الدولة والمجتمع.

صورة تجمع القياديين مع دولت بهجلي

وللتدليل على خطر هذه المجموعات الإيديولوجية القومية والمافيات الاقتصادية التي تنشط خارج وفوق القانون، يلفت الكثيرون إلى أنه مقابل التبجيل الذي حصل عليه زعيم الحركة القومية من قائد القوات الخاصة، فإنه بالصورة2 يتأبط يد علاء كاجكي المعروف على نطاق واسع بتاريخه كمافياوي، ويرون أن هذا دليل واضح على مدى نفوذ جماعة الذئاب الرمادية وقوتها الآن.

ثالثاً: يجب الإشارة إلى أن تحالف “القوة المشتركة” محسوب على الحركة القومية، بينما يعتبر قائد الفيلق الثاني في الجيش الوطني السوري “فهيم عيسى” محسوب على جهاز المخابرات التركي (MIT) وهؤلاء الثلاثة هم القادة العسكريين السوريين الأكثر قرباً لتركيا، ويُعتقد أن أنقرة تعول عليهم في كل شيء بالنهاية.

لذلك عندما يتوقع البعض أن تذهب “القوة المشتركة” ضحية أي خلافات أو تصفية حسابات قد تحدث بين حليفي الحكم في تركيا فهم محقون.

فاختيار هذا التوقيت المتأزم للاجتماع بدولت بهجلي في وقت بلغ التوتر بينه وبين أردوغان ذروته، يمكن قراءته بسهولة من حزب العدالة على أنه اصطفاف وإعلان ولاء من قبل قادة القوة المشتركة.

وعندما يتوقع البعض أن يكون ما جرى في الباب وعفرين هو مقدمة للقضاء على الفصيلين، فهو يبني على هذا الأساس، أي توجه الحليفين التركيين للطلاق وتصفية التركة، لكن أعتقد أنه بناء متسرع.

لماذا ؟

١-لأن الخلاف بين حزب العدالة والتنمية وبين حزب الحركة القومية لم يصل إلى حد القطيعة بعد، وإمكانية ترميم العلاقة ما تزال حاضرة وبقوة.

٢-لأن مثل هذا العداء الذي قد يستبدل به الحزبان التركيان ودهما الحالي، يحتاج وقتاً غير قصير ليترجم على الأرض أعمالاً انتقامية وتصفيات، على الرغم من أن جماعة بهجلي لم يترددوا عن النزول للشارع عند أول تحرك عملي لمحاسبة قادة في جماعة الذئاب الرمادية من خلال القضاء، إذ بات الجميع تقريباً يعرف أن من يقف وراء أحداث قيصري هم القوميون الأتراك، الذين تحرك شبابهم قبل ساعات من انعقاد محكمة مخصصة للنظر بجريمة يتهم قادة في الحركة بالمسؤولية عنها، كي يفتعلوا تلك الأحداث بقيصري على سبيل التلويح بما يمكن ان يفعلوا.

إذن لماذا بادر سيف أبو بكر ومحمد أبو عمشة لللقاء بزعماء الحركة القومية وعمدوا إلى نشر الصور في هذا التوقيت الحساس ؟

في الواقع ليس هناك جواب حاسم على هذه الخطوة، لكن المؤكد عندي أن كليهما أثبت دهاءً كبيراً خلال السنوات الماضية، وأنهما ليسا لقمة سائغة أو سهلة، لدرجة أنهما تمكنا من استخدام الجولاني نفسه لحمايتهما من التقويض قبل أن يرموه.

مثل هؤلاء لا يمكن أن يكونا من الغباء لدرجة أن يغفلا عن هذه التطورات داخل التحالف التركي الحاكم، ولا عن تبعاتها ومآلاتها المحتملة، ولذا فزياراتهما وصورهما التي نشروها لها تفسيران برأيي:

الأول: أن يكونا قد أجبرا عليها أو أحرجا..وهذا احتمال وارد لكنه الأضعف.

الثاني: أن كلاً من حزب العدالة والتنمية والحركة القومية قد طلبا من أبو عمشة وسيف الاجتماع ببهجلي وعلاء كاكيجي من أجل إيصال رسائل طمأنة للسوريين بتركيا أن جماعة الذئاب الرمادية لا تعاديهم، وهذا الأرجح عندي.

اقرأ أيضاً: وزارة الصحة في “حكومة الإنقاذ” تخضع لاحتجاجات الصيادلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى