المعارضة السورية بين الواقع والمأمول: أزمة اللاجئين أنموذجاً
المعارضة السورية بين الواقع والمأمول "أزمة اللاجئين نموذجاً"
منذ انطلاق الثورة السورية في عام 2011، شهدت البلاد تحولات جذرية ومعقدة، وظهرت مجموعة متنوعة من النخب المعارضة التي حاولت بطرق مختلفة التأثير في مسار الأحداث وتحقيق تطلعات الشعب السوري الحالم بالحرية والديمقراطية.
ومع ذلك، فإن المعارضة الرسمية لم تحقق نتائج ملموسة تخدم القضية السورية. في المقابل، حققت منظمات سورية أمريكية وأفراد نشطون في الخارج إنجازات مهمة على الصعيد القانوني والحقوقي. هذا المقال يناقش بالتفصيل دور هذه النخب
والمعارضات في دفع مشروع التغيير السلمي والديمقراطي في سوريا.
المعارضة الرسمية
تشكل الائتلاف الوطني السوري وما تفرع عنه من هيئة المفاوضات، اللجنة الدستورية، وفد أستانا والحكومة المؤقتة في إطار محاولات تنظيم المعارضة وتوحيد جهودها لتحقيق أهداف الحراك الشعبي.
ومع ذلك، تميزت هذه الكيانات بالتشتت الداخلي وضعف التأثير على الأرض، حيث لم تستطع تقديم رؤية موحدة أو حلول عملية تنعكس إيجابياً على حياة السوريين أو تقود نحو التغيير المنشود. يمكن إرجاع هذا الفشل إلى عدة عوامل، منها
افتقاد القوة التنفيذية: عدم القدرة على ضبط فوضى السلاح وإنشاء صندوق مالي وطني لضبط المال السياسي القادم من الدول المتدخلة بالشأن السوري، وتوجيهه لتحقيق أهداف الشعب السوري الثائر ضد الاستبداد.
-إنعدام التنسيق الداخلي: الخلافات والصراعات الداخلية بين مكونات المعارضة الرسمية وتنفيذ أعضاء الائتلاف لأجندات الدول التي منحتهم مقعد عضوية الائتلاف، أدى لعدم قدرة المعارضة على تمثيل تطلعات الشعب السوري بشكل حقيقي على طاولة المفاوضات.
بناء جسور مع الداخل السوري: افتقار المعارضة الرسمية إلى التواصل الفعال مع القوى الثورية على الأرض والمجتمع المدني داخل سوريا، ما أدى إلى الانفصال التام عن القاعدة الشعبية.
الاعتماد على الدعم الخارجي: الاعتماد الكبير على الدعم المالي والسياسي من دول خارجية، مما أدى إلى انحراف أغلب الجهات عن الأجندة الوطنية السورية.
المنظمات السورية الأمريكية
على النقيض من ذلك، أستطاعت المنظمات السورية الأمريكية تشكيل لوبيات ضغط فعالة في الولايات المتحدة، ما أدى إلى تحقيق مجموعة من القوانين والعقوبات ضد نظام الأسد، مثل قانون قيصر وقانون الكبتاجون. لعبت هذه المنظمات دوراً بارزاً في:
التوعية ونشر المعلومات: العمل على نشر انتهاكات النظام السوري لحقوق الإنسان وجرائم الحرب، ما أثار تعاطف المجتمع الدولي مع القضية السورية.
الضغط السياسي: تشكيل تحالفات مع منظمات حقوقية وإنسانية دولية، والضغط على الحكومات لاتخاذ إجراءات ملموسة ضد النظام السوري.
تقديم الدعم القانوني: مساعدة اللاجئين والمهاجرين السوريين في الحصول على حقوقهم في الدول المستضيفة.
في الجانب الحقوقي ومحاكمة مجرمي نظام الأسد
شكل المركز السوري للأبحاث والدراسات القانونية الذي يديره المحامي السوري أنور البني رأس الحربة في قيادة المعركة الحقوقية ضد نظام الأسد ومحاسبة رموزه على الجرائم التي ارتكبها ضد الشعب السوري، مستغلاً صلاحيات المحاكم الأوروبية في محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية من خلال:
توثيق الانتهاكات: جمع وتوثيق الشهادات والأدلة حول جرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية التي ارتكبها النظام.
التنسيق مع المنظمات الحقوقية الدولية: لمساعدة المتضررين في تقديم القضايا ومحاكمة الجناة.
الدفاع عن حقوق الإنسان: نشر الوعي بأهمية حقوق الإنسان والدفاع عن ضحايا القمع والتعذيب.
النشاط الحقوقي في تركيا
في غياب شبه تام لمنظمات المجتمع المدني السورية في الدفاع عن اللاجئين السوريين،
لعب الناشط الحقوقي طه الغازي دوراً ريادياً في محاربة العنصرية والتجاوزات تجاه اللاجئين السوريين في تركيا من خلال:
بناء التحالفات: تشكيل جبهة قوية مع أعضاء من البرلمان التركي ومنظمات المجتمع المدني التركي للدفاع عن حقوق اللاجئين.
التوعية الإعلامية: العمل على نشر التوعية حول حقوق اللاجئين والمساهمة في تغيير الرأي العام التركي تجاه اللاجئين السوريين من خلال الإطلالات الإعلامية وعقد ورشات العمل وتسليط الضوء على الإنتهاكات لحقوق اللاجئين في تركيا.
الدعم القانوني: تقديم الدعم القانوني للاجئين السوريين ومساعدتهم في مواجهة التحديات القانونية والإدارية.
دور النخب المعارضة بشمال غرب سوريا
بالمقارنة مع شخصيات سورية تناضل في فضاء أوسع من الحرية، بدا أن تأثير النخب في شمال غرب سوريا لا يزال محدوداً لأسباب كثيرة منها الاقتصادية والأمنية.
ومع ذلك، حاولت بعض النخب والشخصيات إحداث تأثير إيجابي في محيطها. إلا أنه لم تظهر أي شخصية محورية أو جسم منظم يلتف حوله الشعب الثائر وتكون قاطرته في قيادة المجتمع وتشكيل جسم يعبر عن تطلعاتهم.
في الختام، ما يزال السؤال ملحاً: ماذا قدمت المعارضة بكل أطيافها لتحقيق أهداف شعبها، حيث ما زال النازحون في الخيام والمعتقلون في السجون والمهجرون يعانون في بلاد المهجر؟ يبقى الأمل في أن تنشأ معارضة تنبع من الشعب وتعمل لتحقيق تطلعاته في بناء سوريا حرة وديمقراطية
اقرأ أيضاً: أزمة إنسانية في إدلب وريفها ومناشدات من أهالي المخيميات