مقالات الرأي

أستانا عشرين ودور الكومبارس مايزال مستمرا

صفا عبد التركي – وكالة الصحافة السورية
انتهت أعمال الدورة العشرون من اجتماعات أستانا في الحادي والعشرين من شهر حزيران بين روسيا وتركيا وإيران وبوجود وفدي كومبارس النظام والمعارضة،
اللذان لا حول ولا قوة لهما، فتواجدهما مسألة شكلية، فقط للتوقيع على البيان الختامي في كل دورة،
وما يتفق عليه مفاوضوا الدول الذين يبرمون الاتفاقيات الموائمة لمصلحتهم بالدرجة الأولى،
أما مصلحة الشعب السوري وقضيته، فهي في آخر جدول اهتماماتهم.
والمعروف أن لكل دولة مصالحها، فروسيا تريد الحفاظ على العلاقة الجيدة مع تركيا لضمان بقاء موقفها مختلفاً عن موقف دول الناتو من القضية الأوكرانية،
وقد تلعب تركيا مستقبلاً دوراً كبيراً في حل القضية الأوكرانية، ولهذا فإن الروس على استعداد لحث النظام والضغط عليه لتقديم تنازلات لتركيا
خاصة في ملف الحدود لإبعاد قسد وذراعيها العسكريين pkk وpyd عن حدودها والسماح لتركيا بتنفيذ ضربات ضدهما في عمق الأراضي السورية،
والذي تضمنه اتفاقية أضنة لكن بعمق خمسة كيلومترات بينما تسعى تركيا لمسافة أبعد تنهي
هذا الملف وتبعد المنظمات المصنفة لديها إرهابية بعيداً عن حدودها

لينتهي دورهم إلى الأبد
وهو ما يلاقي قبولاً روسياً وتفاهماً لتنفيذه، وهذا هو أهم مطلب لتركيا، رغم وجود ملف اللاجئين الضاغط عليها،
والذي تم استخدامه في الإنتخابات كملف رئيسي للضغط على الرئيس أردوغان وحكومته وحزب العدالة والتنمية
إلا أن هذا الملف فقد سخونته بعد أن حسم الرئيس أردوغان وتحالف الجمهور الإنتخابات لمصلحتهم
مما يجعل موقف تركيا أقوى بهذا الملف، ومن حيث التطبيع مع النظام فقد عادت تركيا إلى رفع سقف مطالبتها بحل القضية السورية وفق القرار الأممي ٢٢٥٤ وبيان جنيف ١ .
ورغم أن آستانا خارج هذا القرار ومدرجاته إلا أن الموقف التركي القوي بعد الانتخابات يستطيع رفع السقف
إلى أي حد يراه مناسباً من أجل مصلحة تركيا والحفاظ على أمنها،
وبحل القضية السورية يمكن الانتهاء من ملف اللاجئين، علماً بأنه أي ملف اللاجئين هو الملف الأكثر تعقيداً في هذه القضية،
لأن كثيرا من اللاجئين في تركيا أو غيرها من الدول أسسوا أعمالا ومصالح تجارية، ورسموا حياتا جديدة تتناسب مع وجودهم في هذه الدول،

كما أن بعضهم حصل على الجنسية التركية أو غيرها، وهناك جيل ولد وتربى في هذه المهاجر،
ونتيجة لطول مدة اللجوء فقد أصبحت هذه المهاجر بلدهم، كما أن كثيرا منهم تخرجوا من جامعاتها.

تعقيدات على اللاجئين

كل هذه الأمور تزيد ملف اللاجئين تعقيداً، ومن المرجح أن هذا الملف لن يحل بالسهولة التي يظنها البعض،
لا في أستانا ولاغيرها، لأنه من التعقيد بمكان مما يجعل حله صعباً جداً،
على الرغم من كل النداءات والطلبات التي تتحدث عن العودة الكريمة والآمنة لهم،
كما أن النظام لا يمكنه استقبال هذه الأعداد من اللاجئين الذين سيكونون عبئاً اقتصادياً وأمنياً عليه، فإن استطاع التغلب على العبء الاقتصادي بمساعدة الدول،
فإنه لن يستطيع تحمل العبء الأمني لهم، لأن عودتهم الكريمة والآمنة تحتاج إلى تغيير في سلوك النظام الأمني بضمانات دولية لهؤلاء اللاجئين الذين ستحميهم الدول،
وهذا ما لا يمكن أن يقبل به النظام ففيه نهايته الحتمية كنظام مستبد،
وهو مالايستطيع العيش بدونه، فمعظم هؤلاء اللاجئين معارضين له بالدرجة الأولى،
وزيادة على ذلك فإن كثيرا منهم رأى التجارب الديمقراطية، والحرية السياسية، وتداول السلطة في دول اللجوء،
إضافة لوعي هؤلاء اللاجئين الذين إن حصلوا على الحرية والحماية من القمع،
فسيسقطون النظام بالمظاهرات السلمية والعصيان المدني، لذلك سيرفض النظام كل الطروحات،
وستكون الاجتماعات كسابقاتها رحلة استجمام لكومبارس النظام والمعارضة، والبحث عن المصالح للدول الثلاثة الرئيسية.
يمكن هنا أن نقول بأن الحل السياسي للقضية السورية جزء من مصلحة تركيا وروسيا،
مع اختلاف بالرؤى والتفسير بين الدولتين، لكن مصلحة إيران تقتضي أن لا يكون هنالك حل،
وأن تستمر معاناة الشعب السوري، وتعمق من نفوذها وهيمنتها على الدولة السورية،
لأن الحل السياسي في سوريا، يعني نهاية الدور الإيراني،
وبدء انحساره في المنطقة بشكل عام ووجودها في أستانا هو فقط للعرقلة أو للحفاظ على دور يحفظ لها موطئ قدم في سوريا المستقبل.

إنها الأخيرة

انعقدت أستانا العشرون وربما تكون الأخيرة كما صرح وزير خارجية كازاخستان وهو أفضل شيء يمكن أن يحدث بالنسبة للثوار السوريين الرافضين
لهذا المسار الذي لم يجلب للثورة السوري سوى الانتكاسات الواحدة تلو الأخرى ومع ذلك
فإن أعضاء وفد الكومبارس سيبقون يدافعون عن أستانا ودورها رغم أنها لم تقدم للسوريين
سوى الانتكاسات ولايفهم دفاعهم عنها إلا في إطار المصالح الشخصية من سياحة وبدلات سفر وتمثيل يحصلون عليها من الداعمين وإلا كيف يمكن
أن نفهم تصريح رئيس وفد المعارضة لأستانا الذي قال فيه
(قصف الروس للمحرر لن يؤثر على معنوياتنا) خارج إطار محاولته وأعضاء الوفد الإبقاء
على هذا المسار من أجل استمرار الدعم له ولأعضاء وفده من الداعمين
علماً بأنه لادور حقيقي لهم في كل المسار من بدايته حتى اليوم أو ربما
نفهم التصريح على طريقة النظام الذي هو الآخر يلعب دور الكومبارس في أستانا وداخل سوريا فالقصف الإسرائيلي اليومي لسوريا كذلك لا يؤثر على معنويات النظام.

مابين الدول الثلاث الرئيسية ووفدي الكومبارس هناك حلقة رئيسية مفقودة
ومفتاح الحل غير موجود بين أيديهم ولا على طاولتهم لأنه في مكان
آخر حيث اللاعب الرئيسي الموجود خلف المحيط الأطلسي وكلنا يعرفه فهو من
يملك الكلمة الفصل في أي قضية دولية اليوم باعتباره القوة العسكرية
العظمى التي تتبعها كل القوى الأخرى هذا من الناحية العسكرية أما من الجانب
الاقتصادي الذي يحتاجه الحل في سوريا لملف إعادة الإعمار
فهو موجود في أوربا ودول الخليج والتي لايمكن أن تقدم أي شيء إذا لم يتم الحل
السياسي في سوريا والذي تبقى ورقته الرئيسية
بيد أمريكيا خلف الأطلسي والتي لن يخرج الأوربيين أو الخليجيين عن شورها ربما تستمر
الأستانات أو تتوقف فهي لم تقدم للسوريين شيئاً
حتى الآن ولن تقدم لهم شيئاً في المستقبل لأن من يمثلهم فيها سواء كان ممثلاً
للمعارضة أو النظام هو كومبارس ولا يمكن للكومبارس
أن يكون ممثلاً رئيسياً في يوم من الأيام لذلك فإن توقفها خير للسوريين وثورتهم وربما عكس ذلك للنظام لأنه يريد استمرارها تقطيعاً
للوقت الذي بستطيع اللعب فيه من أجل زيادة مدة بقائه في الحكم وهو يعلم أنه لم يعد مقبولاً حتى من أنظمة الاستبداد المشابهة لأنه أصبح عبئاً ثقيلاً على الجميع.

شاهد أيضاً: القيادي”عمر سلخو” من هو ؟ ولماذا تم اعتقاله !؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى