سوريا

تدمر السورية بين سيف “داعش” وصواريخ “روسيا”

تدمر المدينة العريقة والتي تعود جذورها إلى آلاف السنين، تمثل بلا شك أحد أروع الأماكن التاريخية في العالم. إنها مدينة قديمة تضج بالأحداث الأسطورية والتاريخية التي شكلت تلك المدينة بمظهرها الرائع والجميل.

تتميز تدمر بأبنيتها الأثرية الجميلة التي تعكس فنون العمارة القديمة وتفاصيلها المذهلة، ومعابدها الضخمة والقلاع العتيقة التي تروي قصصاً مثيرة ومغامرات لا تنسى. وإذا أضفنا إلى ذلك موقعها المميز على الطريق التجاري الحيوي بين الشرق والغرب، يصبح واضحاً أن تدمر هي واحدة من أهم المدن التاريخية في العالم.

تم إدراج مدينة تدمر في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1980 ، وكانت تحت سيطرة قوات النظام قبل تحولها إلى منطقة نزاع. ومنذ ذلك الحين، شهدت المدينة أعمال تخريب وقصف ونهب بشكل كبير.

سرقة آثار تدمر

منذ احتلال تدمر من قبل تنظيم “داعش” في عام 2015 ، تعرضت المدينة ومعالمها الأثرية لأضرار جسيمة ، حيث تم تدمير ونهب العديد من المعالم الأثرية والمباني الأثرية التاريخية .
كما تم استخدام المدينة وآثارها كمورد للمال للتنظيم، حيث تم بيع الآثار في الأسواق السوداء العالمية، وأشارت التقارير إلى أن المتاجرة بالآثار هي جزء من استراتيجية التمويل التي يعتمدها تنظيم داعش لتمويل نشاطاته الإرهابية.
ومن أهم الآثار التي تمت سرقتها من تدمر السورية:

  • معبد بل الذي يعتبر من أهم معالم المدينة ويعود تاريخه إلى الألفية الثانية قبل الميلاد.
  • المعبد الرئيسي الذي يعتبر قلب المدينة الأثري، ويضم مجموعة من الأعمدة والنقوش الرائعة.
  • البوابة الرئيسية للمدينة والتي تعرف باسم “قوس النصر”، وهي بوابة رائعة تعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي.
  • قصر الأمير فخر الدين الذي يعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي.
  • معبد البعل شمالي المدينة والذي يضم نقوشاً وأعمدة مزخرفة.

وحسب تقارير دولية لا يوجد رقم دقيق للمبالغ التي حصل عليها تنظيم داعش من بيع الآثار في تدمر، حيث أن هذه العمليات تتم في السوق السوداء وبشكل غير رسمي وغير موثق. ومع ذلك، فإن تقارير وتحليلات تشير إلى أن تنظيم داعش استفاد بشكل كبير من بيع الآثار التي سرقها من تدمر وغيرها من المواقع الأثرية في سوريا، حيث تقدر بعض التقديرات أن مبالغ الأموال التي جناها التنظيم من هذه العمليات وصلت إلى الملايين أو ربما المليارات من الدولارات.

ولم تكن داعش السارق الوحيد فهناك تقارير تثبت تورط نظام الأسد بسرقة آثار ومعالم مدينة تدمر وبيعها في الأسواق السوداء خارج البلاد .

شاهد أيضاً: بين التاريخ والحداثة مسجد العمري (الكبير) أهم المعالم الدينية في مدينة الباب

إخفاء قصري وقتل

عندما سيطر تنظيم داعش على مدينة تدمر في عام 2015، اعتقل العديد من علماء الآثار الذين كانوا يعملون في المدينة. ومن بين العلماء الذين تم اعتقالهم:

  1. خالد الأسعد: عالم آثار سوري ورئيس مديرية الآثار والمتاحف في تدمر.
  2. خليل الحريري: عالم آثار سوري ورئيس قسم المخطوطات في متحف تدمر.
  3. محمد الأحمد: عالم آثار سوري ومدير مكتب المعالم الأثرية في تدمر.
  4. باسل عبد الكريم: عالم آثار سوري ورئيس مشروع إعادة بناء قوس النصر في تدمر.
  5. خالد الحموي: عالم آثار سوري ومدير موقع تدمر الأثري.

كشفت تقارير عن تعرض العديد من علماء الآثار للتعذيب والإهانة، وبعضهم قتل على يد التنظيم. وما زال مصير بعض العلماء الآثار المحتجزين مجهولاً.

فيما كشفت تقارير صحفية أخرى أن سبب اعتقالهم كان لبناء مجسمات شبيهة بالآثار الحقيقة للمدينة ليتم تصويرها فيما بعد وهي تدمر وذلك ليتم تغطية عملية سرقة وبيع آثار المدينة.

صواريخ روسيا

تعد الخسائر التي لحقت بمدينة تدمر جراء القصف الروسي في فبراير 2016 كبيرة ومؤلمة، وتمثل خسارة للإنسانية والتراث العالمي. ولم يتم الكشف عن حجم الخسائر بالضبط، لكن يمكن التأكيد أن الأضرار كانت شديدة وشملت معالم أثرية هامة، بما في ذلك المعبد البلدي والمسرح الروماني والمنازل التاريخية والأسوار والأبواب والأبراج والقلاع والحصون والقبور وغيرها من المباني الأثرية الأخرى.

وفي عام 2016، قدرت الأمم المتحدة حجم الأضرار بحوالي 26 مليون دولار أمريكي، وهذا الرقم قد يكون أقل بكثير من الحجم الفعلي للخسائر. ولا يمكن التقدير بالضبط حجم الخسائر حتى الآن بسبب صعوبة الوصول إلى بعض المناطق المتضررة في المدينة، وعدم وجود بيانات وافية عن الأضرار في بعض المواقع الأثرية.

كما شهدت مدينة تدمر على مدى سنوات الثورة السورية العديد من المعارك والتي كان أهمها :

  1. (2012): شنت قوات المعارضة السورية هجومًا على تدمر في شباط/فبراير 2012، وتمكنت من السيطرة على المدينة لبضعة أيام قبل أن تستعيدها قوات النظام .
  2. (2013): شنت الجبهة الإسلامية الموحدة هجومًا على تدمر في أيار/مايو 2013، بهدف السيطرة على المدينة. وتمكنت الجبهة الإسلامية الموحدة من السيطرة على بعض أجزاء المدينة، لكن القوات الحكومية استعادتها في وقت لاحق.
  3. (2016): حيث شنت القوات الروسية بالتعاون مع قوات النظام هجومًا على تدمر في شباط/فبراير 2016،
    بهدف استعادة المدينة من تنظيم داعش. وتمكنت من استعادة المدينة بعد معركة شرسة استمرت لعدة أسابيع.
  4. (2017): نفذت الولايات المتحدة غارة جوية على مطار التيفور العسكري الواقع بالقرب من تدمر في نيسان/أبريل 2017، ردًا على الهجوم الكيميائي الذي أطلقه النظام السوري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى