وفود دبلوماسية دولية تصل إلى دمشق عقب سقوط الأسد
توالت الزيارات الدبلوماسية الدولية إلى سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد الذي فرّ هارباً خارج البلاد، ولجأ إلى حضن روسيا بعد انتصار ثورة الشعب السوري التي استمرت لأكثر من 13 عامًا، وجاءت هذه الزيارات بعد الإعلان عن تشكيل حكومة تصريف الأعمال الجديدة برئاسة محمد البشير، ولاسيما الهدف من هذه الزيارات هو تقييم الوضع السياسي والأمني والدفع بالعملية السياسية نحو استقرار الأوضاع في سوريا بما يلبي تطلعات الشعب السوري.
زيارة بيدرسون لدمشق بعد هروب الأسد
اجتمع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، مع قائد غرفة العلميات العسكرية أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) ورئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير، وذلك بعد وصوله إلى العاصمة السورية، دمشق صباح أمس الأحد 15 كانون الأول الجاري، وتعد زيارته هي الأولى من نوعها بعد سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد، وتهدف هذه الزيارة لمناقشة الأوضاع السياسية الراهنة في سوريا وتقديم الدعم لها في هذه المرحلة الانتقالية.
قال بيدرسون خلال تصريحات صحفية أمس الأحد، “إننا بحاجة إلى إطلاق العملية السياسية التي تشمل جميع السوريين، ومن الواضح أن هذه العملية يجب أن يقودها السوريون أنفسهم، فهي مسؤولية سورية، ونأمل أن يحصلوا على المساعدة”، وأضاف أن الأمم المتحدة تجدد نيتها نحو تقديم كل أنواع المساعدات للشعب السوري بما يدعم المرحلة الحالية التي تشهدها سوريا في الوضع الراهن.
وأفاد بيان صادر عن غير بيدرسون اليوم الاثنين 16 كانون الأول، بأنه أطلع الشرع والبشير على مخرجات اجتماع “لجنة الاتصال العربية الدولية” بشأن سوريا الذي انعقد يوم السبت الفائت في مدينة العقبة الأردنية، وجاء ذلك خلال اجتماعه معهما في دمشق، حيث أشار إلى ضرورة انتقال سياسي موثوق وشامل بقيادة سورية يستند إلى مبادئ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم “2254”.
ومن جانبه أكد أحمد الشرع على أهمية إعادة النظر في القرار الدولي “2254” نظرًا للتغيرات التي طرأت على المشهد السياسي، وشدد على العمل على تحديث القرار ليتلاءم مع الواقع السوري الجديد، مؤكدًا على ضرورة التعاون السريع والفعال لمعالجة قضايا السوريين، كما أكد على أهمية “التركيز على وحدة أراضي سوريا وإعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية”.
وأضاف الشرع في تصريحاته التي نشرها حساب القيادة العامة على تطبيق فيسبوك، أن من الضروري التعامل بحذر ودقة في مراحل الانتقال وإعادة تأهيل المؤسسات لبناء نظام قوي وفعال، وأكد على أهمية توفير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين السوريين، وتقديم الدعم الاقتصادي والسياسي لهم، ونوه على أن هذه الخطوات يجب أن تُنفذ بحرص شديد ودقة عالية دون استعجال، وبإشراف فرق متخصصة لضمان تحقيقها على نحو أفضل، بحسب تعبيره.
دبلوماسيون فرنسيون سيزورون دمشق لمتابعة الأوضاع في سوريا
بعد زيارة وفد دبلوماسي تركي إلى سوريا في اليومين الماضين، تبعه وفد دبلوماسي قطري الذي وصل إلى دمشق أمس الأحد، لاستئناف افتتاح السفارة القطرية في سوريا واستكمال الإجراءات اللازمة المتعلقة بالبروتوكول بين البلدين، وفي الوقت ذاته، عزمت الخارجية الفرنسية على إرسال فريق من الدبلوماسيين الفرنسيين الذي سيصلون إلى دمشق غدا الثلاثاء، للعمل على متابعة وتقييم الأوضاع السياسية والأمنية عن كثب، ولم تحدد الخارجية الفرنسية الجهة التي سيلتقي بها فريقها الدبلوماسي في سوريا.
اعتراضات لاجتماع العقبة وأهمية الزيارات الدولية لسوريا
اجتماع العقبة في المملكة الأردنية الذي عقد يوم السبت الماضي، كانت أحد مخرجاته الدفع بالعملية السياسية ودعمها في المرحلة الانتقالية، وذلك وفق بنود القرار الأممي لمجلس الأمن “2254” والعمل على موجبه وتنفيذه في المرحلة المقبلة، هذا ما دفع من الناشطين السوريين بالاعتراض عليه وإطلاق حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم “بيان العقبة لا يمثلنا”، معتبرين أنه لا يمكن العمل على تنفيذ القرار الأممي إلا بتغيير بنوده بما يتناسب مع التحولات والأوضاع السياسية الجديدة في سوريا.
وفي ذات السياق، علق المعارض السياسي السوري برهان غليون، على آلية عقد الاجتماع عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، قائلاً: إن “عقد اجتماع لجنة الاتصال حول سوريا في “العقبة” بحضور عديد الدول التي لم تخف دعمها لنظام الأسد المخلوع بدل عقده في دمشق الحرة بمشاركة السوريين لا يبشر بخير ولا يطمئن حول نوايا اللجنة”، وأضاف أنه يوحي بإرادة فرض الوصاية على سوريا ويظهر كمؤامرة أكثر بكثير من رغبة في التضامن وتقديم الدعم للسوريين”.
أما الحديث عن أهمية الزيارات الدبلوماسية الدولية في هذه المرحلة التي تشهدها سوريا بعد سقوط نظام الأسد، فقد قال الكاتب الصفي والمحلل السياسي حسن النيفي لوكالة الصحافة السورية، إن الزيارات الدبلوماسية لسوريا تلعب دوراً هاماً في هذا المرحلة الانتقالية، ولا سيما أنها تلقى اهتماماً دولياً وإقليمياً ومبادرات تضامنية مع سلطة دمشق الجديدة، ولكن هذه المبادرات مقرونة بتحفظات على سلوك الحكومة الجديدة، وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تراقب سلوكها وأدائها في المدن، وتنتظر منها ممارسات فعلية، وهذا ما تسعى إليه حكومة البشير بالعمل بشكل إيجابي، كما أن تصريحات أحمد الشرع كانت في غاية الدقة، حيث يحاول التماهي مع رغبات وتطلعات الدول الغربية آملاً أن يحظى على الاعتراف الدولي ويحقق الشرعية.
تجدر الإشارة إلى أن سوريا تشهد الآن مرحلة انتقالية مفصلية في تاريخها السياسي، حيث تصدرت المشهد السياسي الدولي والإقليمي، وتتركز الأنظار العربية والغربية عليها، إذ تراقب عن كثب أداء حكومة تصريف الأعمال برئاسة محمد البشير، وفي هذا السياق تسعى بعض الأطراف جاهدة لدفع العملية السياسية قُدماً نحو تلبية تطلعات الشعب السوري، وفي المقابل هناك أطراف أخرى تحاول عرقلة هذه العملية وتسعى لخلق فوضى سياسية وإغراق سوريا بمتاهات معقدة تصب في خدمة مصالحها الخاصة.
شاهد أيضاً توثيق 22 حادثة انفجار مخلفات الحرب في مناطق متفرقة من سوريا