مقالات الرأي

هل تصبح حماة المحطة القادمة في معركة ردع العدوان؟

هل تصبح حماة المحطة القادمة لمعركة ردع العدوان؟

شهدت الساحة السورية وتحديداً في شمالها تحولات جديدة وكبيرة مع انطلاق معركة “ردع العدوان”، والتي اعتبرها الشعب السوري الثائر وفصائل الثوار من أبرز المعارك التي خاضتها فصائل الثوار منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011م، ولا يخفى على أحد أنّ المعركة حملت آمالاً كبيرةً جداً عند الشعب الثائر وفصائل الثوار لاستعادة الأراضي التي اغتصبتها الميليشيات الإيرانية وميليشيات أسد وروسيا خلال السنوات الماضية.
ومع ذلك، تبرز مئات الأسئلة الحاسمة حول مدى إمكانية استمرار المعركة وما مدى قدرتها على الاستمرار لتحقيق أهدافها الاستراتيجية الكبرى، ومنها إعادة المهجرين قسراً لمنازلهم، وسط تطوراتٍ إقليمية ودوليةٍ معقدّة حول الدول الضامنة.

طرد الميليشيات واستعادة الريف الغربي وحلب الجديدة
أثبتت فصائل معركة ردع العدوان، قدرة إدارة العمليات العسكرية على استغلال كل التطورات الميدانية خلال الفترات الماضية لصالحها، وظهر ذلك من خلال التنسيق والتخطيط النوعي والدقيق خلال ساعات المعركة الأولى.
وقد استطاعت فصائل الثوار من طرد ميليشيات أسد وحلفائه من مساحات واسعة في غضون ساعات، من الريف الغربي لحلب وصولاً لمدينة حلب ثم ريف إدلب الشرقي متضمناً مدينة سراقب الاستراتيجية الواقعة على طريق الـ M5 الدولي الواصل بين حلب ودمشق، ثم بلدة خان السبل وغيرها من البلدان.
ولا يخفى على الجميع الأسلحة التكتيكية المتطورة والحديثة كالطائرات المسيرة والتي لعبت دوراً مهماً ومحورياً في هذه المعركة، فقد سمحت هذه الطائرات التي تعمل في كتائب الشاهين التابعة لإدارة العمليات العسكرية في معركة ردع العدوان على رصد تحركات العدو بدقة وذلك من خلال استهداف خطوط الإمداد والقوات والأرتال بدقة شديدة.
حسب رأيي الشخصي وحسب تحليلات ودراسات من خلال تقارير، أن هذه الأسلحة والتي استخدمت بتكتيكات جبّارة إلى جانب التطورات العسكرية لدى فصائل الثوار خففت بشكل كبير من خسائر الفصائل خلال المعارك الدائرة، ومما جعل ميليشيا أسد وحلفائه على الانسحاب من كل هه المواقع الاستراتيجية.

هل يتحول الزخم إلى حماة؟
ومع استمرار الانتصارات التي تحققها فصائل الثوار في معركة ردع العدوان، تُطرح تساؤلات كثيرة حول إمكانية التوسع إلى الجنوب، وصولاً إلى محافظة حماة، مثل هذه الخطوة الطموحة وإن كانت بعيدة قليلاً، تعتمد بشكل كبير جداً على استمرار الدعم اللوجستي والعسكري الي تتلقاه فصائل الثوار.
كل هذه التطورات التي ذكرناها تتيح لفصائل الثوار فرصة ذهبية لتحقيق مكاسب جديدة، خاصة إذا ما بقيت تستخدم الطائرات المسيرة والأسلحة التكتيكية بفعالية.
ومن وجهة نظرٍ استراتيجية إنّ التقدم لحماة في الحقيقة يحتاج المزيد من الاستنزاف لميليشيا أسد وحلفائه على المحاور الحالية حتى نضمن ألا يشن هجمات مضادة، كما أن تعزيز التنسيق بين كل فصائل الثوار من خلال غرفة العمليات العسكرية الموحدة يعطينا أملاً في ذلك.

التأثير الإقليمي والدولي: أين تقف القوى الكبرى؟
إن المعركة الحالية في الواقع لا تنفصل عن السياق الإقليمي والدولي المعقد، تركيا والتي تعد الداعم الأساسي لفصائل الجيش الوطني في الشمال السوري، تلعب دوراً مهماً في تقديم الدعم اللوجستي والعسكري لهم، والحقيقة أنّ انقرة ترى فرصة جديدة لتعزيز موقفها في المفاوضات أمام موسكو والولايات المتحدة خصوصاً بعد تجاوزات ميليشيا أسد قانون خفض التصعيد من خلال قصف المدنيين الآمنين في المخيمات والمنازل شمالي سوريا.
ومن وجهةٍ أخرى تعتبر أنقرة وحسب تصريحات لمسؤولين أتراك أنها تركز على حماية مناطق نفوذها من جهة، وضمان تدفق اللاجئين نحو المناطق الآمنة داخل سوريا بدلاً من الحدود التركية.

وفي الكفة الثانية تظهر روسيا الحليفة لميليشيا أسد كمراقبٍ صامت وحذر وبطلعات جوية خجولة جداً إذا ما قورنت بالمعاركة السابقة، ورغم كل دعمها لميليشيا أسد إلا أنها لم تدخل بشكل مباشر لوقف العملية حتى الآن، مما يعكس في الحقيقة رغبتها في تجنب تصعيدٍ قد يضر بمصالحها مع تركيا، وهذا لا يعني أنّ موسكو قد تبقى مكتوفة الأيدي بل ربما تقدم على تحركات أكبر حال شعرت بأنّ ميليشيا أسد مهددة بوجودها كاملاً في شمال سوريا.
أما الولايات المتحدة فتتعامل مع كل هذه التطورات بحذرٍ شديد من خلال تركيزها على محاربة الإرهاب وحماية مناطق نفوذها شرقي الفرات.
وفي الحديث عن موقفها من التطورات الجديدة يعتمد ذلك بشكل كبيرة على مدى تأثيرها في التوازنات الدولية والإقليمية وعدم تهديد مصالحها مع شركائها خاصة ميليشيات قسد.

إلى أين تتجه المعركة؟
في الختام إن معركة ردع العدوان تمثل في الواقع لحظة حاسمة فارقة لدى فصائل الثوار، الانتصارات الأخيرة أعادت للكثيرين إمكانية تغيير موازيين القوى على الأرض، لكنها تحمل أيضاً تحديات حقيقية تتعلق بالحفاظ على كل هذا الزخم والتقدم من جهة ومن جهة أخرى توسيع نطاق العملية العسكرية.
كل هذه المؤشرات قد تعتمد بشكل كبير على استمرار الدعم الإقليمي والدولي وتعزيز التنسيق الداخلي بين الفصائل، فضلاً عن القدرة الكبيرة في التعامل مع التعقيدات الميدانية الجديدة.
وإن نجحت في الحفاظ على هذا الزخم، فقد نشهد تحولاً في المشهد السوري يعيد رسم الخريطة السياسية والعسكرية للبلاد.
اقرأ أيضاً: أول تعليق من التحدث الرسمي التركي على عملية “ردع العدوان” في سوريا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى