من هو أبو ماريا القحطاني ومن وراء اغتياله بعد 28 يومًا من خروجه من سجون الجولاني
الجولاني أفرج عن القحطاني في شهر مارس
مراسم جنازة الرجل الثاني في هيئة تحرير الشام “أبو ماريا القحطاني” أقيمت اليوم في مسجد “زيد بن حارثة” بعد صلاة الجمعة. وقد شيّعت هيئة تحرير الشام هذا القائد البارز في صفوفها بحضور شخصيات من حكومة الإنقاذ السورية، التي تُعتبر المظلة السياسية للفصيل. كان من بين الحاضرين رئيس “حكومة الإنقاذ” محمد البشير، ووزير الأوقاف حسام حاج حسين، بإمامة الشرعي في تحرير الشام مظهر الويس.
وعلى الرغم من أهمية الحدث، لم يحضر زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، مراسم الجنازة. بدلاً من ذلك، اكتفت مؤسسة “أمجاد” الإعلامية التابعة للهيئة بنشر صورتين له مع جثمان القحطاني، معلنة أنه يودعه.
أبو ماريا القحطاني الملقب بـ “العراقي”، وُلد في قضاء الموصل بالعراق عام 1976، وعمل في منظمة فدائيي صدام في أواخر فترة حكم صدام حسين. انضم إلى تنظيم القاعدة بعد ظهوره في العراق بعد الاجتياح الأمريكي، ثم عمل مع دولة العراق الإسلامية كداعية ومنسق للعلاقات مع العشائر العراقية.
تعرض للاعتقال مرتين من قبل القوات الأمريكية وأمضى سنوات في السجن قبل إطلاق سراحه عام 2010 بسبب أسباب صحية، وذلك قبل بداية الثورة السورية. تم إرساله من قبل “أبو بكر البغدادي” إلى العراق لتقييم الوضع في سوريا، حيث ساعد في بناء العلاقات مع السوريين الذين جاءوا للدفاع عن العراق وانضموا إلى تنظيم القاعدة.
عندما عاد الجولاني إلى سوريا، نجحوا معًا في تأسيس جبهة النصرة بعد إيقاظ خلايا التنظيم النائمة وانضمامها إليهم. ترك القحطاني بصمة قوية في المشهد الجهادي في المنطقة، ورحيله يُعتبر خسارة كبيرة لتنظيماته وللحركة الجهادية بشكل عام.
أثناء فترة نشاطه في الجنوب السوري، شغل أبو ماريا القحطاني دورًا مهمًا كمسؤول شرعي لتنظيم القاعدة. وعندما تراجعت الأوضاع العسكرية في تلك المناطق، نجح القحطاني وقادة آخرون من جبهة النصرة في الانسحاب إلى الشمال السوري المحرر باتفاقيات مع الميليشيات الإيرانية ونظام الأسد
ومع تصاعد الخلافات بين الجولاني والبغدادي، انضم القحطاني إلى موقف الجولاني وتبنى رؤية مختلفة عن تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، حيث لم يعد يدعم فكرة الجهاد العالمي.
اتُهم القحطاني من قبل هيئة تحرير الشام بإدارة تواصلات دولية بعيدًا عن صلاحياته وبقضايا العمالة قبل سبعة أشهر، لكن قبل حوالي شهر، رُبِّيت الاتهامات عنه وأطلق سراحه بسبب الضغوطات الداخلية.
تم استقبال القحطاني و زواره في مضافته بمدينة سرمدا شمالي إدلب، وكانت هذه الزيارات تأتي بانتظام. ولكن بعد مرور 28 يومًا فقط من إفراج هيئة تحرير الشام عن القحطاني، جاءت عملية الاغتيال بشكل مفاجئ. في الوقت نفسه، كان زعيم تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، يجتمع مع الجناح العسكري للهيئة، مما دفع بعض الأفراد إلى استنتاج أن هذه العملية كانت بمثابة تنبيه لكل القادة العسكريين. وقد أرجعت هيئة تحرير الشام عملية الاغتيال لتنظيم داعش، نظرًا لتاريخ القحطاني في مقارعة التنظيم.
يُذكر أن القحطاني كان الرجل الثاني في تحرير الشام وله اسم آخر “أبو الحمزة”. وقد تعددت الروايات حول ظروف وفاته، ومن المهم ملاحظة أن الروايات المختلفة تثير العديد من التساؤلات حول ملابسات الحادث.
في النهاية، يبقى اغتيال القحطاني يترك الكثير من التساؤلات حول دوافعه والجهات التي تقف وراءه، وهو حدث يُظهر الصراعات والتوترات الداخلية في هيئة تحرير الشام والتحديات التي تواجهها المنطقة بأسرها.
اقرأ أيضاً: كسر عضم والدراما السورية وتلفزيون سوريا…