معركة حلب وبذور عداء رئيس الحكومة المؤقتة للعرب السنة
ثمة تخوف لدى السوريون من أن تندلع معركة تحرير حلب قبل إجراء تغييرات في الحكومة السورية المؤقتة، وبالتالي تتحول الإدارة فيها إلى أسوأ من إدارة نظام الأسد المتهالكة أصلا، إذ إنّ مدينة بحجم حلب تحتاج إلى حوكمة صحيحة وحكومة رشيدة تقدم انموذجا يضاهي إدارة الأسد، وبالتالي نعكس قدرة المعارضة على إدارة الدولة، وهذا لايمكن تحقيقه بوجود رئيس دائم لحكومة مؤقّتة لم يحقق أدنى معايير الإدارة الصحيحة حتى على مستوى مدينة الراعي التي ينحدر منها.
حلب التي تعتبر الخزان البشري للعرب السنّة في سوريا تحتاج تهيئة ظروف صحيّة قبل تحريرها، وتلك الظروف لا يمكن الوصول اليها في ظل وجود رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى الذي لم يستطع أن يقدم نفسه شخصا توافقيا حتى لدى المكون التركماني الذي ينحدر منه، بل على العكس، يتهم بأنه السبب في تشكيل انطباع عدائي تجاه التركمان من قبل أبناء الثورة السورية بسبب سياسته الإقصائية لأي مكونات أخرى، وأصبح يطلق على هذا المكون العريق اسم العلويون الجدد لا نكاية بالتركمان، بل بعبد الرحمن مصطفى شخصيا.
لايمكن التفكير أبدا بفتح معركة حلب في ذات الوقت الذي يسعى فيه رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى إلى تشكيل تحالف أقلوي لمواجهة العرب السنّة، وهذا ما عرضه رئيس الحكومة المؤقتة على المجلس الوطني الكردي أثناء حضورهم حفل القنصلية الأمريكية في اسطنبول، محاولا اقناعهم أنّ العرب السنّة يريدون سحق الأقليات العرقية والهيمنة على سوريا.
تلك الفكرة الشيطانية لم تؤخذ على محمل الجد من قبل المجلس الوطني الكردي، إذ يؤكد أحد المدعوين أن عبد الرحمن مصطفى طرح تلك الرؤية بعد تناوله كمية كبيرة من المشروبات الكحولية، وبالتالي لايعرف بماذا كان يتحدّث.
وبعيدا عن المعايير العنصرية التي كانت من أولويات رئيس الحكومة المؤقتة، يستغرب البعض من الإبقاء عليه في منصبه بعد التأكد من عدم حصوله على أي مؤهل جامعي في منصبه حتى دون اتخاذ إجراءات رقابة مالية على أموال الشعب السوري التي لم يكن أمينا عليها واستثمرها لمصالح شخصية، ابتداء من راتب السائق “أحمد سيد كوزال” البالغ 600 دولار والذي عينه سائقا خاصا لزوجته في اسطنبول، وصولا إلى مئات آلاف الدولارات التي صرفها لشرائ ذمم المجلس التركماني ليتمكن من الهيمنة عليه وتصفية خصومه من التركمان فيه، ثم تشكيل شركات واجهة لمشاريع اقتصادية خاصة به في الشمال السوري، وعلى رأسها مشروع المدينة الصناعية في الراعي الذي أغرقه الفساء لصالح إثراء رئيس الحكومة، وتلك تفاصيل سأفردها في مقال مخصص لهذا الغرض.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه غلى السعي للإخلال بتوازنات هيئة التفاوض ومحاولة غعادة ترتيبها على مزاجه بعد انتهاء دورة رئيس الائتلاف الوطني السابق الشيخ سالم المسلط إثر تشكيل تحالف ضده قاده عبد الرحمن مصطفى وآخرين.
مستنقع رئيس الحكومة الآسن الذي يبدأ من تسليط فئة من التركمان على رقاب الشعب السوري وصولا إلى ضرب الفصائل العسكرية بعضها ببعض لتثبيت حكمه، ثم السعي لإفراغ مؤسسة المعارضة السياسية من شخصياتها السياسية التاريخية الوازنة والزج بشخصيات هزلية عوضا عنهم، لايمكن أن يبني نواة دولة لشعب ضحى قرابة عقد ونصف في سبيل نيل حريّته، ومعركة حلب ستكون خاسرة حتى لو انتصرت فيها المعارضة السوريّة إذا مابقيت الإدارة على شكلها الحالي، وتلك مسؤولية الائتلاف الوطني الذي نال من رئيس الحكومة السورية ما ناله الشعب الثائر أيضا.
كان من الواضح أنّ عبد الرحمن مصطفى ليس قويا بذاته، بل مستقويا بمن كان وراءه وداعما له، وأصبح من الأوضح الآن أنّ مصطفى فقد الكثير من هذا الدعم وأصبح في أضعف حالاته، بعد أن أفشل اجتماع مطار غازي عنتاب الذي سعى الجانب التركي إلى عقده طويلا، وهذا ما يفسّر اعتذاره من الائتلاف الوطني في أحد اجتماعات الهيئة السياسية للائتلاف الوطني، حين قرر الائتلاف تشكيل لجان محاسبة وتدقيق مالي على رئيس الحكومة المؤقتة.
خلاصة القول إنّ الحكومة المؤقتة على شكلها الحالي ستكون عامل عدم استقرار لمدينة حلب التي تتمتع بطابع خاص، وستكون المعركة خاسرة حتى لو تم تحرير المدينة، فحالة عدم الاستقرار التي تسبب فيها رئيس الحكومة في الشمال السوري المحرر ستمتد الى أبعد من ذلك، وإدارة مدينة بهذا الحجم تحتاج إلى رئيس حكومة يكون بين الناس، لا رئيس يتلطى خلف وزرائه ويخشى أن يتحرك مترا واحدا خارج جحره في مدينة الراعي، وتلك نصيحة للائتلاف الوطني والجانب التركي، نصيحة للاثنين معا.
تبقى كل الاحتمالات مفتوحة، لكن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة هو، هل سيغرق عبد الرحمن مصطفى في مستنقعه الفاسد قبل تحرير حلب، أم أنّ الله سينجيه ببدنه ليكون ليكون لمن خلفه آية؟!!
……يتبع
شاهد أيضاً : جبهة النصرة… التحدي الأكبر في الثورة السورية