مقالات الرأي

متيافورا للإنتاج الفني… ذراع تلفزيون سوريا في خدمة شبيحة الأسد خلال شهر رمضان المبارك

ميتافورا تتلقى تمويلاً كاملاً من قطر

في عصرنا الحديث، أصبحت قنوات ومنصات التواصل الاجتماعي لها دور بارز في تشكيل الرأي العام وتوجيه التغييرات السياسية والاجتماعية، ولكن في سوريا، يبدو الأمر مختلفًا تمامًا، حيث يعكس الوعي الشعبي تحديات ومشاكل مختلفة.

تبنت شركة متيافورا للإنتاج الفني، التي تصف نفسها بأنها رائدة في مجال الإنتاج الفني و الممولة من قطر، موقفًا ذاخرًا بالمبادئ الإنسانية والديمقراطية. ومع ذلك، يتبين أن واقعها يختلف كثيرًا عن الصورة التي تُعرض.

بدأت الشركة عام 2015 بإنتاج مسلسل “وجوه وأماكن”، الذي جسد واقع السوريين مع بداية الثورة السورية، وعلى الرغم من مشاركة نخبة من الفنانين السوريين المناهضين لنظام الأسد، لم يحقق النجاح المطلوب. كان هذا المسلسل قريبًا من الواقع السوري الذي يعيشه المعارضون للأسد، لكنه لم يصل إلى أذهان الجماهير كما كان متوقعًا أو كما كان مقصود من شركة الإنتاج.

بعدها قرر المفكر “عزمي بشارة” في بناء امبرطورية إعلامية له لتوسيع نفوذه الإعلامي وسيطرته على الإعلام السوري المعارض.
وبدأ رحلة مشروع تلفزيون سوريا في مارس 2018. في البداية، كان الكثير من السوريين يتفاؤلون، وكنت أنا واحدًا منهم.

ومع مرور الوقت وكشف الحقائق، علمنا بدور بعض الشخصيات الرئيسية التي تُعتبر عمودًا أساسيًا في تلك الإمبراطورية التي يبنيها عزمي على أساس مأساة السوريين. بدأ بشارة في فرض شخصيات تثير العديد من الاستفهامات، مثل مدير مكتب المنار في سوريا، الشبيح أنس أزرق، الذي كان يشغل منصب مدير تلفزيون سوريا، وكان أيضًا مدير مجلس الإدارة لشركة متيافورا التي تنفذ معظم البرامج لتلفزيون سوريا.

عملت الشركة على توريط العاملين في القناة من خلال الأموال، ليصمتوا عن القضايا والقيم التي يؤمنون بها. وتُضخ هذه الأموال من قطر عبر عزمي بشارة، بهدف إلغاء الروح الثورية للنشطاء وتغيير الخطاب الإعلامي بطريقة مباشرة على المدى الطويل.

وفي إطار هذه الصراعات السورية بين مؤيد ومعارض للسياسة عزمي بشارة، استمرت شركة متيافورا في إنتاج مسلسلاتها التي تعكس رؤيتها السياسية والإيديولوجية. في عام 2022، أطلقت مسلسل “بستان الشرق”، الذي جمع مؤيدين ومعارضين للنظام الأسد، محاولة لتجسيد تنوع الآراء والمواقف داخل المجتمع السوري.

كما أنتجت شركة متيافورا مسلسل “الحي العربي”، الذي جمع ممثلين من 11 دولة مختلفة، بينهم موالون ومعارضون للأسد، مما يظهر التنوع الثقافي والفني والسياسي في الشركة. لكن ردود الفعل على هذه المسلسلات كانت متباينة، حيث تلقى بعضها ترحيبًا كبيرًا من الجمهور، بينما انتقدها البعض الآخر لعدم تمثيل الواقع بشكل دقيق.

خلال شهر رمضان في عام ٢٠٢٣، قدّمت شركة متيافورا مسلسلًا جديدًا بعنوان “ابتسم أيها الجنرال”، حيث تدور أحداثه حول صراع داخل أسرة حاكمة مستبدة تسيطر على زمام الأمور في البلاد. يتناول المسلسل صراعًا ملتهبًا بين أخوين يتنافسان على السلطة والنفوذ، مما يعكس تحديات وتعقيدات الحكم الديكتاتوري وانتقال السلطة بشكل وراثي دون اعتبار لإرادة الشعب.

رغم الترويج الكبير الذي سبق عرضه، فإن المسلسل استقبل ردود فعل متنوعة من الجمهور. بينما أعجب جزء كبير من المشاهدين بالعمل وتفاعلوا معه بشكل إيجابي، إلا أن جزءًا آخر من الجمهور انتقده بسبب عدم تمثيل الواقع بشكل دقيق وتراجع المسلسل عن استكمال رسالة تناول القضايا السياسية والاجتماعية بجرأة وصراحة.

بالإضافة إلى ذلك، أبدت الفنانة السورية “ليلى عوض” استيائها من المسلسل، حيث اعتبرته إنتاجًا لصالح نظام الأسد دون النظر إلى رؤى وآراء المعارضين. وأشارت إلى أن الشركة المنتجة، متيافورا، وراء هذا العمل، تخدم مصالح نظام الأسد، بينما تدعي بوقوفها إلى جانب المعارضة.

بالرغم من ذلك، فإن الجمهور السوري، رغم بساطته، لم يقبل بسهولة تلك الرسالة المُغلفة بالمسلسلات الإعلامية، حيث يمتلك الوعي الكافي لاستشراف الحقيقة وراء الستار.

في شهر رمضان لعام ٢٠٢٤، أطلقت شركة متيافورا مسلسلين جديدين، حيث يعرض المسلسل الأول بعنوان “كسر عضم الجزء الثاني” على شاشة التلفزيون سوريا، ويتضمن تشكيلة من الشبيحة الموالين للنظام الأسد في مجال الدراما السورية.

والمسلسل الثاني بعنوان “ما اختلفنا” يتبع ذات المنهجية، حيث يتضمن أيضًا نخبة من الشبيحة المعروفين بولائهم الكامل لنظام بشار الأسد، ويُعرض عبر الشاشات للجمهور.

قبل بداية شهر رمضان بيومين، استضاف رأس النظام المجرم بشار الأسد نخبة من فنانيه الشبيحة في قصره، بمن فيهم بعض المشاركين في تلك المسلسلات التي يتم إنتاجها من قبل شركات إنتاجية في سوريا. ومن المثير للدهشة أن بعض موظفي هذه المؤسسات يحاولون محاولة يائسة تبرير تصرفاتهم، بالتأكيدات على قيم الأخلاق والمهنية، دون أن يتذكروا أن بعض الشخصيات التي يجسدونها تُشارك في تجريف دماء السوريين بشكل مباشر على الشاشة.

وبالرغم من جهود هؤلاء الشبيحة في الدفاع عن أعمالهم الفنية المثيرة للجدل من أجل المال، إلا أنهم يُخجلون من تصنيفهم كذلك أمام المجتمع، حيث يُظهر ذلك عجزهم عن الاعتراف بالحقيقة والتواطؤ في تشويه صورة الثورة السورية التي أسست بدماء الأبرياء.

ولا يمكن لتلك الشركات الإنتاجية المزورة أن تُخفي الحقيقة السورية التي كُتبت بالدماء على مدار السنوات، ولا يمكن لأموالهم القذرة أن تُغير مسار الثورة أو تُشكل رأيًا عامًا لدى السوريين. عندما يُحاسب المجرم وكل من وقف بجانبه، سيكون ذلك الوقت الذي يشهد فيه العدالة على الأرض.
من خلال مسلسلاتها، حاولت الشركة تشكيل الرأي العام السوري بشكل غير مباشر، ولكن بفضل وعي الثوار والمعارضين، بقيت الحقيقة مرئية ولا يمكن طمسها بالمال أو التلاعب بالإعلام.

وفي النهاية، يبقى الشعب السوري مدافعاً عن هويته وحقوقه، ولا يمكن للشركات الإنتاج الفنية الإعلامية الفاسدة والمنحازة أن تطمس الحقيقة وتغير مسار الثورة، فالعدالة ستأتي يوماً ما وسيُحاسب كل من تورط في جرائم ضد الإنسانية.

اقرأ أيضاً: الباحث جمعة محمد لهيب مهدد بالترحيل والتسليم لنظام الأسد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى