سوريا

قوات “ردع العدوان” تدخل حلب وتسيطر على مواقع استراتيجية

قوات "ردع العدوان" تدخل حلب وتسيطر على مواقع استراتيجية

شهدت مناطق الشمال السوري تصعيداً عسكرياً مفاجئاً وغير مسبوق، مع إطلاق فصائل المعارضة السورية يوم الأربعاء، 27 نوفمبر/تشرين الثاني، عملية عسكرية واسعة تحت اسم “ردع العدوان”، استهدفت مواقع النظام في ريف حلب الغربي. خلال أقل من 48 ساعة، حققت المعارضة تقدماً كبيراً، مسيطرةً على مناطق واسعة في ريفي حلب الغربي وإدلب الشرقي، بالإضافة إلى توغلها داخل مدينة حلب نفسها، حيث دخلت عدة أحياء، آخرها الجميلية والزهراء، وسيطرت على فرع المخابرات الجوية في حي الزهراء.

نجحت المعارضة في السيطرة على مواقع استراتيجية مثل الشيخ عقيل وعنجارة و”الفوج 46″ بريف حلب الغربي، مما مكنها من الاقتراب من مدينة حلب لمسافة خمسة كيلومترات فقط وقطع الطريق الدولي بين حلب ودمشق. تأتي هذه العملية في ظل تصعيد القصف المدفعي والجوي للنظام السوري على إدلب، وتهدف إلى تحييد سلاح الطيران والمدفعية المستخدم ضد المدنيين وتهيئة الظروف لعودة النازحين.

عانت قوات النظام والمليشيات الموالية له من انهيار سريع أمام التنسيق العالي لفصائل المعارضة واستخدامها أسلحة نوعية. وفي الوقت الذي غابت فيه المشاركة الفعالة للطيران الروسي عن المعارك، تشير تقارير إلى مقتل عدد من المستشارين العسكريين الإيرانيين في شمال حلب، مما يعكس تراجع الموقف الإيراني في هذه المنطقة. أما الموقف الروسي، فقد اتسم بالغموض وسط تساؤلات عن وجود تفاهمات ضمنية بين موسكو وأنقرة، خاصة مع تعثر مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق.

لا تقتصر تداعيات العملية على الجانب العسكري فقط، إذ تهدف المعارضة إلى إعادة تفعيل الملف السوري على الساحة الدولية، وإظهار قدرتها على فرض واقع جديد على الأرض. يأتي هذا التصعيد متزامناً مع التصعيد الإسرائيلي ضد مواقع إيرانية في سوريا، مما يعكس تداخلاً واضحاً بين الأوضاع الإقليمية والدولية المحيطة بالأزمة السورية.

عملية “ردع العدوان” تضع المشهد السوري أمام منعطف جديد، في ظل تقدم المعارضة داخل مدينة حلب نفسها وسيطرتها على مواقع أمنية حساسة مثل فرع المخابرات الجوية. استمرار هذه التطورات قد يفرض واقعاً جديداً على الأرض، لكن يبقى السؤال: هل ستشهد المرحلة القادمة مزيداً من التقدم للمعارضة، أم أن النظام وحلفاءه سيعيدون ترتيب صفوفهم للرد؟

بالرغم من أن ميزان القوى على الأرض يصب بمصلحة المعارضة، يبقى التدخل الدولي عاملاً حاسماً، كما حدث في مرات سابقة حين أنقذت روسيا النظام من السقوط عام 2014، وأكملت إيران وميليشياتها المهمة لاحقاً. لكن الظروف تغيرت اليوم؛ فروسيا منشغلة بحربها في أوكرانيا وتسعى للخروج من الملف السوري، بينما تواجه إيران تراجعاً مستمراً في نفوذها. ما يجري في حلب يؤكد أن مخلبها الرئيسي، حزب الله، قد استُنزف في لبنان.

لذلك، على المعارضة أن تستمر في تحصين ما حررته لتتمكن من فرض شروطها على طاولة المفاوضات. استثمار هذا التقدم بشكل استراتيجي قد يساهم في إعادة الملف السوري إلى واجهة الاهتمام الدولي، مع السعي لإيجاد حل لأزمة دخلت عامها الخامس عشر. فهل سيحقق السوريون ما يصبون إليه؟ ننتظر لنرى النتائج وطريقة استثمار ما تحقق على الأرض.

اقرأ أيضاً: مصدر تركي: “ردع العدوان” هدفها السيطرة على مناطق اتفاق سوتشي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى