Categories: سورياقصص

“قصة استغلال الطفل يحيى ياسين” الناجي الوحيد من الزلزال المدمر ومناطق النظام

خاص “وكالة الصحافة السورية”
“قصة استغلال الطفل يحيى ياسين” الناجي الوحيد من الزلزال المدمر ومناطق النظام

في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق في شمال وغرب سوريا في فبراير/شباط المنصرم، والذي خلف آلاف القتلى والجرحى وآلاف المشردين، حاول الأسد استغلال الكارثة لتحسين صورته أمام المجتمع الدولي.

استغلت وسائل الإعلام الموالية لنظام الأسد هذه المأساة للترويج لصورة الأسد كزعيم حكيم وشجاع ورحيم ,فنشرت صحيفة “الوطن” الحكومية على صفحتها صورة للأسد وهو يزور مستشفى في حلب يستقبل فيه المصابين جراء الزلزال، مع عنوان “الأسد يقود جهود الإنقاذ والإعمار بعد الزلزال المدمر”.

وفي هذا السياق، قام الأسد بزيارة مدينة حلب، التي تضررت بشدة من الزلزال، والتقى ببعض ضحاياه، خاصة الأطفال، وأجرى معهم مقابلات تلفزيونية، حيث عبر عن تعاطفه وحزنه ووعدهم بتقديم كل ما يلزم لإعادة إعمار منازلهم ومدارسهم.

صورة ليحيى مع شادي حلوة

الناجي الوحيد

يحيى ياسين البالغ من العمر 12 عاماً هو من الأطفال الناجين القلائل , حيث كان يحيى يقيم في حي الحلوانية بأحياء حلب الشرقية رفقة عائلته .

رفض يحيى في البداية الظهور على وسائل إعلام النظام لعدة أسباب “ما بدي رفقاتي يشوفوني وأنا مصاب وما بدي النظام يعرف انه أخوتي معارضين ” بحسب يحيى والذي اكمل أصروا على ظهوري أمام الكاميرات وذلك تحت ذريعة جمع الأموال لي وكما موضح في الفيديوهات التي انتشرت ليحيى روى فقط الأحداث التي تعرض لها وعائلته عندما تدمر منزلهم. وقد وصف كيف كانت أفراد عائلته يتواجدون في غرفة وهو يتواجد في الغرفة الثانية، وحينما وصل إلى الغرفة التي توجد بها باقي أفراد عائلته، انهار البناء بشكل كامل, ليجد نفسه تحت أنقاض المنزل حيث قضى مدة 10 ساعات في رعب وخوف .

تجنب يحيى ذكر وجود أخوة له في مناطق خارج سيطرة النظام خشية على حياته.

تقرير الإخبارية السورية عن الطفل “يحيى ياسين”

فقد يحيى والديه وأختيه في الزلزال الذي دمر منزلهم بمدينة حلب. ليتبقى له ثلاث أشقاء يعيشون في الشمال السوري وتركيا.

استغلال يحيى لتلميع الأسد

استغلت وسائل الإعلام الموالية لنظام الأسد، بما في ذلك الإعلامي شادي حلوة في برنامج “الناس لبعضها”، حالة يحيى عندما نقل حديث يحيى الطفولي حيث قال “أنا صف خامس، أخذت الجلاء ونزلت البناية، ضاع الجلاء“. واستخدم النظام هذه العبارة البسيطة للترويج لحالته وتصويره كأنه ليس لديه معيل في مناطق النظام.”

وقد تم تصوير يحيى من وسائل إعلام موالية للنظام ، بما في ذلك الفضائية السورية وجريدة الوطن، وظهر في العديد من الفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك أثناء تواجده في مشفى حلب الجامعي.


روى يحيى أنه تمت زيارته من قبل بشار وأسماء الأسد أثناء وجوده في المشفى والذي اكمل ” أتى شخص وأخبرنا أن نقوم بتجهيز أنفسنا سيتم مقابلتنا من قبل بشار الأسد , شعرت وقتها بخوف كبير من ثم تفاجئت بدخول بشار وأسماء الأسد للغرفة , قدموا للاطمئنان على صحتي , سألني بشار الأسد حينها أي منتخب أشجع أجبته أشجع المنتحب الفرنسي اللاعب كيليان مبابي
ثم أعطاني المرافق لبشار الأسد مبلغاً وقدره ميلون ونصف ليرة سورية وغادروا الغرفة, نظرت بعدها من نافذة الغرفة رأيت موكب كبيرة جداً وهم مغادرين.

الإعلام الموالي يلمع صورة بشار وأسماء الأسد بزيارتهم لضحايا الزلزال
الإعلام الموالي يلمع صورة بشار وأسماء الأسد بزيارتهم لضحايا الزلزال
الإعلام الموالي يلمع صورة بشار وأسماء الأسد بزيارتهم لضحايا الزلزال

تبرعات ومساعدات

تم جمع تبرعات و مبالغ مالية كبيرة بعد تعرض يحيى لإصابات خطيرة حيث كان بحاجة للعلاج والرعاية الطبية، ومع ذلك، لم يصل الطفل إلا القليل من هذه المساعدات. ومع تزايد شهرة قصة الطفل في مناطق حلب، بدأ بعض المقربين منه في استغلال حالته لجمع الأموال على حسابه, والتواصل مع منظمات وجمعيات محلية لأجل تبني الطفل وتقديم له راتب شهري بحجة وفاة عائلته بالكامل.
رفض يحيى هذه الأفعال كما رفض الأموال التي قدمت له حيث أخبرهم ” لو كان أبي على قيد الحياة لما كنت احتجت أي احد منكم ” أتى هذا الفعل يقيناً من يحيى أن اخوته سوف يجدو طريقاً له ويخرجوه من المكان المتواجد فيه.

الكثير من التبرعات وصلت ليد يحيى أثناء فتره علاجه لكن كان ليحيى موقف إنساني حيث تبرع بمعظمها للفقراء وعند سؤالنا له لماذا قمت بهذا الأمر أجاب ” الله أعطاني ليش حتى ما أعطي الفقراء”.

في الأيام الأولى بعد الحادثة، حاول البعض الاحتفاظ بالطفل لجمع المال، فيما قام شخص يحمل الجنسية العراقية بالتحدث إلى أقارب يحيى مقترحًا تبني الطفل وتقديم العلاج له في العراق بتحمل كافة المصاريف، لكن تلقى رفضًا قاطعًا من الأقارب.

كما عرض على يحيى باتصال هاتفي من مكتب وزارة التربية أن يتم تأمين خروجه إلى روسيا لكنه رفض بالرغم من الضغوطات عليه من أقاربه.

في حديث لوكالة الصحافة السورية مع الطفل يحيى يروي أن المقربين منه قد جمعوا الملايين باسمه، ولكنهم لم يفوا بوعدهم بتوفير العلاج اللازم له, حيث حصر علاجه ضمن المراكز والمشافي الحكومية فقط .

عندما تقلصت أخبار المتضررين من الزلزال، تخلى المقربون عن يحيى وأُجبر على مغادرة منزلهم بعد مصادرة هاتفه وضربه والذي روى ” بعدما أخبرت أخوتي ان اقاربي يستغلون حالتي لجمع الأموال قامت عمتي بضربي ورميي على الأرض كما قامت بمصادرة هاتفي المحمول , هنا شعرت أنني في مركز من مراكز الأيتام لا حول لي ولا قوة ولست بمنزل أخت والدي, أعطتني مبلغ ٣ ملايين ليرة سورية وطردتني من المنزل”.

قضى يحيى يومان في شوارع حلب بدون معيل ، واتصل بأخيه مروان الذي يقيم في الشمال السوري ليُخبره بأن المقربين استغلوا وضعه وقاموا بتلفيق وفاة عائلته كلها لجمع المزيد من الأموال باسمه. وبما يعانيه من صعوبة في المشي على قدميه، يجد يحيى صعوبة في متابعة حياته ويجهل كيف يمكنه الاستمرار فيها.

اليوتيوبر العراقي رائد الحلاق في زيارة للطفل “يحيى ياسين” في مشفى حلب الجامعي

معاناة وعجز

منذ مدة تزيد على شهر، يبذل مروان، أخ يحيى ، جهدًا كبيرًا للوصول إلى يحيى، شقيقه الذي تعرض للإصابة في الزلزال الذي هز مدينة حلب. بالرغم من تعرضه لصعوبات عديدة، بما في ذلك دفع مبالغ كبيرة لشبكات التهريب (المهربين) ، إلا أن يحيى استمر في محاولاته للخروج من منطقته. ، تمكن يحيى أخيرًا من الوصول إلى الشمال السوري المحرر ، بعد طول انتظار مستخدماً إسم مستعار وذلك خوفاً منه من الاعتقال واعادته لحلب بعد أن أصبحت قصته مشهورة هناك .

يأمل مروان في أن يجد شقيقه بصحة جيدة ويتمكن من رؤيته والتأكد من سلامته بشكل دائم، متجاوزًا كل التحديات التي واجهها في هذه الرحلة الصعبة.

كان لقاء الأخوة في الشمال السوري مؤثر جداً بعد فقدانهم عائلتهم في الزلزال.

مروان شقيق يحيى في حديثه مع وكالة الصحافة السورية،: “أنا لا أستطيع التخلي عن أخي يحيى، فأرى فيه كل أفراد عائلتي الذين فقدتهم في الزلزال، لم أتمكن من الوصول إليهم قبل دفنهم لأنني مطلوب للأفرع الأمنية في مناطق النظام. كان الخيار الأمثل بالنسبة لي هو جلب يحيى والعمل على توفير العلاج له خارج سوريا، بعد أن تعرض للاستغلال الإعلامي والمادي من قبل إعلام النظام .

أن يتمكن يحيى من استكمال علاجه والعودة إلى حياته الطبيعية، سأبقى بجانبه لأساعده في استكمال دراسته.” هو الأمر المهم بالنسبة لي الآن.

يردف “مروان” لم أعلم بوفاة عائلتي إلا بعد 5 أيام وكانت اللحظات التي رأيت فيها أخي على شاشات القنوات الموالية للنظام مؤلمة للغاية، ولا يمكن لهذه اللحظات أن تمر دون أن تبكيني , فهو طفل بريء لا يعرف ما يحدث حوله ولا يمكنه حماية نفسه من الاستغلال الذي يتعرض له .

أمضى مروان 20 يوم محاولاً إيجاد طريقة يتواصل بها مع يحيى حيث أكمل ” استطعت التواصل مع يحيى بعد 20 يوم بمكالمة هاتفية أخبرني بقصص الاستغلال والمعاناة التي يعيشها , لهذا السبب بذلت جهدي وفعلت كل ما في وسعي لأكون بجواره وأحميه من أي خطر قد يواجهه.

مروان مع يحيى بعد لم شملهم

ليس أخي فحسب من يتعرض للأذى، يردف “مروان” فالزلزال الذي وقع أيضًا تسبب في كوارث هائلة وفاجعة حقيقية للأطفال والعائلات في منطقتي. ولكن الأمر الأكثر حزنًا هو أن قنوات النظام تحاول إقناع المشاهدين بأن شخصًا مثل يحيى فقد كل أفراد أسرته في الكارثة، وهذا ليس صحيحًا , لديه ثلاث أشقاء ، ولكن للأسف لم أتمكن من الوصول إليه بسبب الأجهزة الأمنية التي تلاحق المعارضين لنظام الأسد حتى في الكوارث الطبيعية.

يحيى ليس الوحيد

بعد الزلزال الذي وقع في حلب، تم توثيق تعرض عدد من الأطفال لنفس المصير الذي تعرض له يحيى. فقد تم تصويرهم بكاميرات النظام وهم يظهرون بجوار” أسماء وبشار الأسد” في مشفى حلب الجامعي.

وعلى الرغم من أن “يحيى” التقى بالأسد وزوجته في المشفى الجامعي وتم تصويره بعدسات الكاميرات، إلا أنه لا نعلم سبب عدم بث لقطات يحيى مع الأسد. السبب الذي رجحه “مروان” شقيق يحيى أن النظام يخشى الوصول إلى يحيى وإخراجه من حلب إلى الشمال السوري، لأن عائلته معروفة في حي الحلوانية كونها معارضة لنظام الأسد منذ بداية الثورة السورية .

هذا يجعل الوضع الصعب ليحيى جزءًا من قصة أطفال آخرين يعانون في ظل النظام السوري، حيث يتعرضون للاستغلال والتشريد وسط ظروف إنسانية صعبة. إن حقوق الطفل تنتهك بشكل واضح في تلك المناطق، وتحتاج الجهات الدولية المختصة إلى اتخاذ إجراءات فعالة لحماية حقوق هؤلاء الأطفال وتوفير الرعاية والحماية لهم.

شاهد أيضاً : اعتقال وزير التجارة السابق بعد فضيحة فساد تهز الساحة السياسية

فريق التحرير

Recent Posts

عشرات القتلى والجرحى في قصف إسرائيلي على تدمر شرق حمص

اعترف نظام الأسد بسقوط عشرات القتلى والجرحى، جراء قصف إسرائيلي شرق حمص.

14 ساعة ago

الإفراج عن شابين من أبناء السويداء من معتقلات نظام الأسد

أفرجت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري عن شابين يافعين من أبناء محافظة السويداء جنوب سوريا،…

14 ساعة ago

كيف يدفع المهجرون في الشمال السوري ثمن بقاء الأسد؟

في السنوات الأخيرة، شهد الشمال السوري تحولاً كبيراً في المشهد السياسي والاقتصادي، حيث تأثرت الحياة…

يومين ago

منسقو الاستجابة: أكثر من 6.6 مليون نسمة يقطنون شمال غربي سوريا

كشف فريق منسقو استجابة سوريا عن التركيبة السكانية في شمال غربي سوريا.

3 أيام ago

بعد 5 سنوات.. الأسد يصدر عفواً خاصاً عن صحفي أردني

أطلق نظام الأسد اليوم الإثنين 18 تشرين الثاني، سراح المصور والصحفي الأردني "عمير الغرايبة"، الذي…

3 أيام ago

عاصفة مطرية تضرب مخيمات النازحين وتسبب بأضرار مادية شمال سوريا

ضربت عاصفة مطرية قوية مناطق ريف حلب الشمالي الليلة الماضية، وخلفت أضراراً في البنية التحتية…

3 أيام ago