سوريا

قسد تسرق تعب الفلاحين: احتجاجات واسعة في الرقة

قسد تسرق تعب الفلاحين: احتجاجات واسعة في الرقة

في خضم الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بسوريا، تبرز مشكلة جديدة تُضاف إلى قائمة التحديات التي تواجه سكان شمال وشرق سوريا، وهي تسعيرة القمح التي فرضتها “الإدارة الذاتية” التابعة لميليشيات (قسد). يشكل هذا القرار نقطة محورية جديدة في علاقة الفلاحين بالإدارة الذاتية، حيث تثير تسعيرة القمح الكثير من الجدل والاستياء.

خلفية الأزمة

يعتمد سكان مناطق شمال وشرق سوريا بشكل كبير على الزراعة، حيث يمثل القمح أحد المحاصيل الرئيسية في هذه المنطقة الزراعية الخصبة. ومع الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها سوريا بسبب الحرب والأزمات المختلفة، يتزايد الاعتماد على هذا المحصول كمصدر رئيسي للدخل. في هذا السياق، تأتي تسعيرة القمح لتضيف تحدياً جديداً أمام الفلاحين.

قرار التسعيرة وآثاره

حددت “الإدارة الذاتية” تسعيرة القمح للموسم الحالي بـ31 سنتاً أميركياً للكيلوغرام الواحد، ما يعادل 310 دولارات للطن. وهو ما أثار موجة من الغضب والاحتجاجات بين الفلاحين، مقارنة بالسعر السابق الذي بلغ 43 سنتاً للكيلوغرام. فيما ينتج كل 3.5 دونم طناً واحداً من القمح، وبلغت تكلفة الدونم الواحد (بذار، سماد، فلاحة، ري، حصاد، تعبئة) 150 دولاراً أميركياً، أي أن التسعيرة لم تغطِ تكاليف الإنتاج الأساسية. تم تحديد السعر العالمي بـ7.3 سنت للكيلوغرام، أي 730 دولاراً للطن الواحد. يرى الفلاحون أن هذا السعر الجديد لا يعكس التكلفة الحقيقية للإنتاج الزراعي ولا يتناسب مع الجهود المبذولة. تُجبر الإدارة الذاتية الفلاحين على بيع محصولهم بالسعر المنخفض وتمنع تصديره، مما يتيح لها تحقيق أرباح مضاعفة دون أي عناء يُذكر.

هذا القرار أدى إلى احتجاجات واسعة في عدة مناطق من الرقة، حيث تجمع الفلاحون أمام مبنى “المجلس التنفيذي” وحاجز الفروسية والمدخل الغربي للمدينة. بالإضافة إلى وقفات احتجاجية في مدينتي الطبقة والمنصورة في الريف الغربي. رفع الفلاحون لافتات تندد بسياسات الإدارة الذاتية وتطالب بزيادة السعر ليعكس التكاليف الحقيقية للإنتاج.

التحديات التي تواجه الفلاحين

تعاني المناطق الزراعية من عدة تحديات تؤثر على إنتاج القمح. تشمل هذه التحديات الظروف المناخية القاسية مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى نقص الدعم ومشاكل في الحصول على المواد الزراعية الأساسية مثل البذور والأسمدة. هذه العوامل تزيد من تكاليف الإنتاج وتضع الفلاحين في موقف حرج، حيث يصبح من الصعب عليهم تحقيق أرباح معقولة أو حتى تغطية التكاليف. وفي نفس السياق، تم تحديد سعر شراء القمح بـ5500 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري، ما يعادل حوالي 36 سنتاً أميركياً. هذا السعر يعتبر أعلى نسبياً من السعر الذي حددته “الإدارة الذاتية”، مما أضاف إلى شعور الفلاحين في مناطق سيطرة “قسد” بالظلم والإهمال.

تبقى الأزمة الزراعية في شمال وشرق سوريا مثالاً حياً على التحديات المعقدة التي تواجه سكان المنطقة في ظل الصراعات السياسية والاقتصادية المستمرة. تسعيرة القمح التي حددتها “ميليشيات قسد” ليست مجرد رقم، بل هي رمز للصراع اليومي الذي يعيشه الفلاحون من أجل البقاء والاستمرار في الإنتاج. الاحتجاجات والتحديات التي تواجه “قسد” تعبر عن رغبة الفلاحين في تحقيق تغيير حقيقي وتحسين أوضاعهم الاقتصادية. يبقى المستقبل غامضاً فيما يتعلق بالتوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف، لكن من المؤكد أن صوت الفلاحين أصبح مسموعاً أكثر من أي وقت مضى.

اقرأ أيضاً: بعد 12 عاماً.. تعيين سفير للسعودية لدى سوريا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى