فنّ صناعة الموزاييك في الشمال السوري

يُعتبر فن صناعة الموزاييك جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي والفني للمنطقة. وعلى الرغم من التحديات التي فرضتها ظروف الحرب والحصار، فإن هذه الصناعة لا تزال تحتفظ بمكانتها كواحدة من أبرز الصناعات التي تجسّد التاريخ والثقافة في هذه المنطقة.

يعتمد الحرفيون في مجال صناعة الموزاييك على خبراتهم الشخصية ومهاراتهم العالية، حيث يتطلب عملهم دقةً وصبرًا كبيرين خلال كل مرحلة من مراحل العملية الإبداعية.

تتكون صناعة الموزاييك من عدة مراحل، تبدأ بإختيار الشكل المناسب حسب الطلب، ثم طباعة الرسم المرغوب على ورقة أو لوحة. وبعد ذلك، يتم ترتيب قطع الحجر الملونة بدقة وترصيفها وتثبيتها بعناية، متبوعة بعملية تسوية وجه اللوحة لضمان الانتهاء منها بشكلٍ سلس، قبل طلائها بمادة “اللكر” الذي يعطي لمعاناً الشفاف لإظهار جمال الألوان وحماية الحجر من التلف.

“أحمد الداني” فنان متخصص في فن الموزاييك، يمتلك خبرة واسعة في هذا المجال منذ عام 2000. شارك في ملتقى النحت العالمي الذي أُقيم في سوريا عام 2007، وعمل كمدرب لمدة 7 سنوات، مما ساهم في تعزيز مهاراته وخبراته.

يُعتبر متحف معرة النعمان واحدًا من أشهر وأغنى المتاحف في العالم بفضل اللوحات الفسيفسائية التي يحتويها. وقد قام أحمد الداني بتنفيذ العديد من الأعمال في عدة دول من بينها لبنان والأردن ودول الخليج، وضمت تلك الأعمال لوحات بمساحات تصل إلى 100 متر مربع.

في عام 2017، أسس أحمد ورشة عمل في تركيا لتنفيذ جداريات وأرضيات، وفي العام التالي، أنشأ مركزًا للتدريب في مدينة كفرنبل

رغم التحديات، يتطلع الحرفيون إلى استمرارية هذه الصناعة وعودة رواجها كما كانت في الماضي. يتم تسويق اللوحات الموزاييك في الدول المجاورة مثل لبنان والأردن وتركيا، ودول الخليج وتصديرها أيضًا إلى الخارج للاستخدام في معارض فنية أو لتلبية طلبات الزبائن في الدول الأوروبية.

رغم بعض الصعوبات التي يواجهونها، مثل صعوبة إيجاد الأحجار المناسبة وتقطيعها بدقة، إلا أن الحرفيين يستمرون في تقديم أعمالهم الفنية بتفانٍ واجتهاد، مما يعكس إصرارهم على المحافظة على هذا الفن التقليدي وتعزيزه في المجتمعات

اقرأ أيضاً: تداعيات حصاد القمح وسرقته في الرقة على القطاع الزراعي