وُلد عبد القادر الصالح، الملقب بـ “حجي مارع”، في بلدة مارع بريف حلب الشمالي لعائلة متواضعة تعتمد على الزراعة وتجارة المحاصيل الزراعية عُرف عبد القادر منذ صغره بأخلاقه العالية وكان محبًا لأبناء بلدته، يتميز بتواضعه وحرصه على تقديم المساعدة للآخرين عاش حياته بشكل هادئ وبسيط، بعيدًا عن الأضواء ولم يكن له اهتمام بالسياسة قبل اندلاع الثورة. لكن مع تصاعد الأحداث، وجد نفسه مدفوعاً بحب وطنه للانضمام إلى صفوف الثوار.
تأسيس لواء التوحيد: من تاجر إلى قائد ثوري
مع اندلاع الثورة السورية عام 2011 كان عبد القادر من أوائل المنضمين إلى الحراك الشعبي، ليترك تجارته ويصبح قائدًا عسكريًا في إحدى أصعب الحقب التي مر بها الشعب السوري
سرعان ما أسس “لواء التوحيد”، الذي جمع تحت مظلته آلاف المقاتلين من مختلف مناطق الشمال السوري، وكان هدفه الأول الدفاع عن المدنيين وحماية أرواحهم من بطش النظام. تميز لواء التوحيد بتوجهه الثوري الشعبي البعيد عن التحزبات، وهو ما أكسبه شعبية واسعة بين السوريين.
القيادة الميدانية: حكمة وشجاعة في وجه المخاطر
أظهر عبد القادر الصالح قدرة استثنائية على القيادة إذ لم يكن قائدًا عسكريًا فقط، بل كان رفيقًا للمقاتلين في الميدان، متواجداً معهم في الخطوط الأمامية للمعارك. قاد الصالح معارك حاسمة في أحياء حلب الشرقية، وساهم في استعادة العديد من المناطق الاستراتيجية من قبضة النظام ومن أبرز معاركه تلك التي هدفت لتأمين طرق الإمداد وحماية المدنيين. كان تواجده بين مقاتليه دافعًا لهم، إذ يعتبره الجميع مثالًا في التضحية والشجاعة.
الإصابات والتضحيات: عزيمة لا تنكسر
تعرض عبد القادر الصالح خلال معاركه ضد النظام لعدة إصابات بعضها كان خطيرًا، لكنه كان يصر على العودة سريعًا إلى ساحات القتال بعد تلقي العلاج مؤكداً أنه لن يترك إخوانه وحدهم في الميدان. أصيب في مناطق متفرقة من جسده، لكنه كان يعتبر جروحه وسام شرف في سبيل حرية وطنه. تميّز بصلابته وإرادته القوية، ولم تثنه الإصابات عن مواصلة طريقه، بل زادته تصميمًا على النصر أو الشهادة.
يوم الاستشهاد: غارة غادرة تخطف “حجي مارع”
في 18 نوفمبر 2013 استهدفت طائرات النظام السوري مقر قيادة عبد القادر الصالح في حلب بغارة جوية تسببت بإصابته بجروح خطيرة. نُقل بعدها لتلقي العلاج، لكنه استشهد متأثرًا بجراحه. كان لخبر استشهاده وقع كبير على السوريين حيث شعر الجميع بفقدان قائد ملهم وأحد أبرز الشخصيات الثورية التي أثّرت بشكل عميق في مسيرة الثورة. لقد شكّل استشهاده خسارة كبيرة لكل من يعرف معنى التضحية والشجاعة.
إرث “حجي مارع”: رمز خالد في ذاكرة السوريين
رغم رحيله لا يزال عبد القادر الصالح حاضرًا في قلوب السوريين، الذين يرون فيه رمزًا خالدًا للتضحية والنضال. شكّل حضوره وقيادته علامة فارقة في مسيرة الثورة، إذ ألهم آلاف الشباب بحماسه وشجاعته يحتفظ الثوار والسوريون عامةً بذكراه كقائد عاش بينهم وأحبهم ودافع عنهم، وترك وراءه إرثًا من العطاء لن يُمحى.
اقرأ أيضاً: “عبد الله الشحود رحلة النجاح من إدلب إلى قلوب الصم والبكم”