وصلت حكاية الشابة أماني إلى تفاصيلٍ ملهمة جداً، كان ذلك في بداية ظهور موهبتها في الرسم في سنٍ مُبكرة بمدينة حلب السورية، قبيل الثورة السورية بقليل، لتقدم عديداً من اللوحات ذات الرسائل العميقة والإنسانيّة، وصولاً إلى الشمال السوري بعد انطلاقة الثورة السورية عام 2011م.
البدايات والشغف
وخلال حديثنا مع الشابة والمعالجة النفسيّة أماني، عرّفت نفسها قائلةً: أنا أماني عبد الحميد زنكيح من مواليد مدينة حلب عام 1998م، يعود أصل عائلتي لبلدة كللي التابعة لمحافظة إدلب، وخريجة من كلية التربية قسم علم النفس في جامعة الشمال الخاصة المتواجدة بمدينة سرمدا شمالي إدلب، وقد قدمت الكثير والكثير من اللوحات الفنيّة خلال مسيرتي في الفنون التشكيلية بسنٍ مبكرة جداً، فقد جاء ذلك تشجيعاً من والدتي التي لم تهدأ حتى وصلت إلى ما أنا عليه اليوم، لأصل مشاعري وأحاسيسي من خلال لوحاتي المتواضعة للناس بداية الثورة السورية عام 2011م، ويمكن القول أنّ موهبتي صُقلت تماماً عندما وصلت إلى الثالث الثانوي، لكن كانت اللوحات فيها شيء ما مفقود لوجود اللوعة الذاتيّة المتعلقة بالتهجير والهروب من بطش الأسد في مدينتي التي ولدت فيها، ومن أكثر اللوحات التي حاولت جاهدة أن أرسمها كانت للفيلسوف سيغموند فرويد والذي كان بالنسبة لي الرجل الحكيم والذي دفعني لدراسة علم النفس لأقوم بدمج موهبتي الرسم في ذلك العلم العظيم والعميق.
تحديات ومواقف لا تُنسى
لم تتوقف الشابة أماني عند طموحها فحسب، بل حاولت تطوير نفسها أكثر رغم كل العقبات والصعوبات التي كانت تقف كسدٍ منيع في وجهها، وكان ذلك من خلال بحثها العملي عن أبحاث تتعلق بعلم النفس والرسم، لتكون مميزةً وفريدةً بما تعمل، لتصل أخيراً لعلمٍ قالت أن اسمه “العلاج بالفن” فبحثت أماني أكثر عن العنوان من خلال منصات التعليم عبر الإنترنت كمنصة كورسيرا، فقد حضرت عدداً غفيراً من الكورسات حول هذا الأمر، ما مكنها من هذه المهنة والموهبة معاً لتصبح معالجةً برغبة وحب عن طريق دراستها وهوايتها، وبعد تمكنها من هذا الاختصاص المدمج عن طريق منصات تعليمية أجنبيّة، بدأت تدرب هذا الاختصاص في عدد من المنظمات العاملة في الشمال السوري، فقد دربت عدداً من الناجيات من الاعتقال على قواعد وفنون رسمه ليكون علاجاً لهنّ في التعبير عمّا حصل أثناء الاعتقال بريشة الرسم دون اللجوء للأسئلة التي قد تسبب إحراجاً أو بكاء لهن مهما كان العلاج النفسي فعّال قبل طرح السؤال المُراد.
الحياة في ظل الثورة
كانت الحياة خلال الثورة صعبة جداً لما فيها من أحداث متتالية وحروب دارت خلال سنواتها، ما أدى بشكل أو بآخر في بدياتها لمنع خروج الشابة أماني من بيتها في مدينة حلب لما حصل من اعتقالات وتشديدات أمنيّة آنذاك، فما كان لأماني إلا أن تستخدم ذلك الحجر الصحي تقريباً حدّ تعبيرها لتفريغ مشاعرها وأحاسيسها المرتبط بالخوف والذعر والهلع لما شاهدته أحياناً وعند خروجها من المنزل لأسباب ضرورية جداً، فلم تكن للوحاتها النصيب من تجسيد الواقع الأليم للسوريين آنذاك وللآن، إلا أنها كانت من الشابات اللواتي يتواجدن في الصف الأول لكل مظاهرة ضد ميلشيات أسد بعد انتقالها لبلدة كللي في ريف إدلب شمالي سوريا، لتستخدم فنها في الرسم على وجوه الأطفال بشكل كبير جداً، فغي كل مظاهرة تحضرها تقريباً.
وأوضحت الشابة أماني، أنّها استطاعت أن تنتقل نقلةً نوعية جداً في حياتها الفنيّة من خلال التعليم الذي خضعت له من قبل زوجها المهندس المعماري أحمد الحسين والذي جعلها تتقن برامج الأجهزة اللوحية المتعلقة بالرسم، لتتحول خلال السنوات الأخيرة الماضية من الرسم في ريشة وألوان حقيقية إلى الرسم عن طريق خاصية الديجيتال في برامج متطورة في الأجهزة اللوحيّة، هذا ما أعطى أماني فرصاً أكبر في المؤسسات والمنظمات وسرعة في تنفيذ اللوحات أو رسومات البورتريه الشخصية.
الإنجازات
لم تكتف الفنانة التشكيلية والعاملة في مجال الدعم النفسي بربطها لموهبتها الرسم بالعلاج النفسي فحسب، بل أتقنت فنون رسم الديجتال باحترافية وحنكة عالية لتصل بلوحاتها ورسوماتها أفقاً عديدة في الشمال السوري، كان ذلك من خلال المعارض الفيزيائية وأخرى غبر مواقع التواصل الاجتماعي، فهي شابة طموحةٌ تحاول أن تصل ما قطعته سنين الحرب بلوحاتها الجميلة، وأن تعالج بها كلّ من تأذى بفعل آلة القتل والإجرام في سوريا بطريقة فريدة وجذابة جداً.
اقرأ ايضاً: انفجار عبوات ناسفة وقتلى وجرحى في صفوف قوات نظام الأسد