سوريون يحيون ذكرى مجزرة “جامعة الثورة”ويستذكرون أوجاعها
عشرات الطلبة كانوا ضحايا المجزرة التي ارتكبتها طائرات النظام الحربية
أحيا ناشطون سوريون الذكرى السنوية الحادية عشرة لمجزرة “جامعة الثورة” التي ارتكبتها طائرات النظام جراء قصف الجامعة في حلب.
وأسفر القصف الذي استهدف الوحدة التاسعة وكلية العمارة في جامعة حلب يوم الـ15 من كانون الثاني 2013، عن استشهاد 38 شخصاً بينهم 10 نساء وطفلين وفق ما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ونقلت الشبكة عن ناجين وشهود عيان وروايات من المشافي أن الأعداد أكبر من ذلك بكثير، بسبب وجود عدد كبير من الجثث المحروقة بالكامل والجثث المشوهة التي تحولت لأشلاء ولم يتم التعرف عليها، لأن الجامعة تحوي طلاباً من جميع المحافظات السورية، وتم تقدير عدد ضحايا المجزرة بما يزيد عن 70 شخصاً.
صوت الطائرات المرعب!
وقال الناشط “عبد الفتاح شيخ عمر” في تصريحات خاصة لوكالة الصحافة السورية كشاهد على المجرزة: إن الجامعة في ذلك اليوم كانت تشهد اكتظاظاً غير مسبوق، كونه اليوم الأول من الامتحانات وسط وجود ما يقارب 90% من الطلاب.
وأضاف عبد الفتاح أنه في البداية سمع الطلاب صوت طائرات حربية قريبة بشكل مرعب، تبعها انفجار ضخم بصاروخين متتاليين، مشيراً إلى أنه لم يقترب من مكان الانفجار بسبب الانتشار الأمني في ساحة الجامعة، وكونه كان أحد المطلوبين للنظام.
وأردف عبد الفتاح أن الأنباء التي نشرتها الهيئة الإدارية المقربة من “حزب البعث” في اللحظات الأولى التي أعقبت الانفجار تحدثت عن “سيارة إرهابية مفخخة” ضربت المدينة الجامعية.
وخلال تواصله مع زملائه في الجامعة قال عبد الفتاح إن جميع الأنباء التي وردت من مكان الاستهداف تحدث عن أشلاء وجثث متفحمة تنتشر في المنطقة.
أقوى حراك جامعي ضد النظام
أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها أن جامعة حلب شهدت أهم وأقوى حراك جامعي في جميع جامعات سوريا، على الرغم من كونها منطقة خاضعة لسيطرة النظام ولم تخضع في أي وقت من الأوقات لسيطرة المعارضة.
وأشارت الشبكة إلى أن الجامعة التي تأسست عام 1960 وهي الثانية في البلاد وتتكون من 27 كلية و12 معهداً إضافة إلى مستشفى جامعي، يوجد بها ما يقارب الخمسة آلاف عائلة نازحة.
ونقلت الشبكة عن شاهد عيان كان موجوداً حين القصف وهو طالب في جامعة حلب يدعى حسام الحلبي قوله: “إنه وعند معهد التمريض كان هناك كثافة طلابية كبيرة حيث كان وقت تبديل بين امتحانات الطلاب، وفجأة شهدنا تحليقاً للطيران الحربي، وقامت الطائرات بدون أي سابق إنذار بقصفنا بصاروخ، وألقوا معه بالونات حرارية، ولم تمضِ سوى لحظات حتى قُصنفنا بصاروخ ثانٍ، ما أدى إلى تكسر الزجاج وإغلاق أبواب سور الجامعة، وتبع ذلك إطلاق رصاص كثيف، لم يُعرف مصدره، ولم نستطع الخروج إلا بعد قليل حيث كان الوضع كارثي، وهناك عدد كبير من الجثث المتفحمة، والأشلاء، ولحق الضرر الكبير بإحدى مباني سكن الطلاب مع احتراق عدد كبير من السيارات، وقام المواطنون بنقل الجرحى بسيارات التكسي والسوزكي”.
كما تحدثت الطالبة “روز الناصر” للشبكة روايتها على الحادثة، حيث قالت: “خرجت من الامتحان قبل القصف بثلث ساعة تقريباً، حيث حصل القصف قرابة الساعة الواحدة ظهراً، تفاجأنا بصوت أول لانفجار صاروخ سقط عند باب الجامعة، وبدأ الزجاج يتطاير، المنطقة كانت تعج بالناس، ولم نستطع رؤية شيء غير الدخان ونسمع أصوات تكبيرات، بعد دقيقتين تقريباً رجعت طائرة الميغ وضربت الصاروخ الثاني، ولم أكن أرى سوى الدخان وجثث محروقة، وسيارات محروقة، وأشلاء في كل مكان، الكتب الدفاتر على الأرض، دمار، المكان الذي كنا فيه من ساعة وكان مليئاً بالحياة، خلال نصف ساعة الأرض صارت دم، الكتب غريقة بالدم، ثياب مليئة بالدم، أذهلني كلام اثنين من (رجال البطة) انتشر بعد القصف، الأول قال للثاني شو اعمل بقطع اللحم يلي عمتطلع معنا؟ الثاني رد عليه وقال ادفنا بهالتراب يلي حواليك وخلصت.. هي أرواح بني آدمين، كنت أحاول التصوير، فانتبه علي شوفير تكسي وحاول اعتقالي، واضطريت اعمل مؤيدة للنظام، وكنت أبكي بطبيعة الحال، أبحث عن رفيقتي المختفية ومجهولة المصير، ورجعت إلى البييت في ذاكرتي شيء من المستحيل أن أنساه، ألم ووجع وروح طلاب، من أكثر المناظر التي أثرت بي منظر اليد المحروقة، ومنظر كتاب غرقان دم، هي مناظر ما بنساها بحياتي وأنزعج كثيراً لأني ما قدرت خلي معي صور وفيديوهات الإجرام التي صوّرت كانت مناظر فظيعة”
سوريون يستذكرون المجزرة
المهندس عابد ناشط على منصة إكس كتب شهادته على المجزرة في سلسلة تغريدات وقال: “بينما الطلاب جلهم في قاعات الامتحان و أهلهم بينتظروهم في الخارج، منسمع صوت طائرة حربية أسدية، و قد اعتدنا صوتها و إذ صوتها تقصف هذه المرة في وضح النهار و مكان أقرب من المعتاد، ركضنا لنشاهد مكان القصف شاهدنا عشرات الجثث المتفحمة لطلاب و سيارات أهاليهم محترقة و هم بداخلها حيث سقطت القذائف عند أحد أكثر شوارع حلب ازدحاما، في الوقت نفسه قنبلة أخرى كانت استهدفت مبنى المدينة الجامعية حيث كان يقيم فيها نازحون من ريف حلب الشمالي، و كان شادي حلوة حاضراً و يحاول عطف المجزرة على الإرهابيين ، فتعرض لهجوم من ذوي الضحايا، لكن أمر أثار إشمئزازي يومها، الشعب ما تجرأ يرجع سبب الجريمة للأسد الكل كان بيسب على الثورة و الحرية، رايحلك ضحايا و أهل و ما تتجرأ تحكي الحق؟ شو بقي تخسروا ، أغلبكن نازح وفقد ملكو كمان؟، كانت لحظة أدركت فيها أن الخوف مازال معشعش بقلوب الناس، الجاهل ضارب و شعب بدو وقت كتير ليفهم، كانت لحظة قررت اعتزل فيها الحكي بالشأن السوري بشكل كلي، لأن كل هل إجرام و ما عم نتجرأ نسمي القاتل بإسمو مابدنا نشوف، أكثر من 10 سنين ومجرم ابن حرام ارهابي فوق راسنا، 10 سنين و الرمادي رمادي”.
الكاتبة والصحفية صبا مدور نشرت عبر حسابها في منصة إكس: “في مثل هذا اليوم من عام 2013، ارتكبت قوات النظام السوري الإرهابية مجزرة مروعة بحق طلاب جامعة #حلب ، الشبكة السورية وثقت 38 شهيدا وأكثر من 250 جريحا، شهود عيان وثقوا اكثر من 80 شهيدا، هذه واحدة من سلسلة مجازر ارتكبها #بشار_الكيماوي أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، دون عقاب ومحاسبة بل وبرسم التطبيع”.
الناشط صافي خميس نشر مقطعاً مصوراً للحظة القصف وعلّق عليه: “هاد اليوم ما رح ينمسح من ذاكرة أهالي حلب، بتعرف شو يعني تشوف الطيران عم يضرب الجامعة وبعدا كل شوي تسمع خبر استشهاد حدا من رفقاتك!، هي كانت طريقة النظام لمعاقبة طلاب جامعة حلب لأنهن آلموه واسقطوا سردية أنه المتظاهرين إرهابيين جهلة ممكن شرائن بكم ليرة، شهداء جامعة حلب أخوة الدم والعلم”.
بدوره الناشط شادي الدبيسي كتب في ذكرى مجزرة جامعة حلب: “يلي ضحى بدماتن بقلوبنا حي”
قتلت وشردت السوريين لأنهم طالبوا بأبسط حقوقهم، ولذلك لابد من ملاحقة ومحاكمة هذه العصابة عن كل الجرائم التي ارتكبتها بحق السوريين.
الحكومة المؤقتة: المجزرة الخالدة
الحكومة السورية المؤقتة نشرت بياناً عبر حسابها الإلكتروني أشارت فيه إلى أن جامعة حلب جامعة الثورة، انطلقت منها المظاهرات الطلابية التي شارك بها أعداد كبيرة من الطلاب رافعين شعارات الثورة السلمية لتؤكد على أنها من أهم ركائز الحراك الثوري للشعب السوري، فكان الرد الوحشي من عصابة الإجرام الأسدي بالقتل والاعتقال والتعذيب بحق الطلاب المتظاهرين، وكل ذلك لم يشفِ حقده، حيث ارتكب تلك المجزرة البشعة من أجل أن يقضي على روح الثورة لدى فئة الشباب الواعي المثقف.
وشددت الحكومة المؤقتة على أن هذه المجزرة خالدة في ذاكرة الشعب السوري وشاهدة على إجرام ووحشية هذه العصابة التي قتلت وشردت السوريين لأنهم طالبوا بأبسط حقوقهم، ولذلك لاببد من ملاحقة ومحاكمة هذه العصابة عن كل الجرائم التي ارتكبتها بحق السوريين.
اقرأ أيضاً: خطف و تعذيب لطفل سوري في ولاية غازي عنتاب