تتسارع الأحداث بطريقة مذهلة، ولم يكن أحد ليتخيل ما حدث خلال الأيام الماضية في سوريا. فعلى مدار سنوات طويلة من عمر الثورة السورية، كان القتل والدمار مرافقَين لجيش نظام الأسد والمليشيات الإيرانية التي دعمته وشاركت في قتل الشعب السوري.
إن خروج مناطق واسعة عن سيطرة نظام الأسد له تأثيرات كبيرة على توازن القوى الإقليمية والدولية، وعلى الوضع الداخلي في سوريا.
بالتأكيد، سيُعيد ما حدث تشكيل توازن القوى في سوريا بشكل خاص، وفي الشرق الأوسط بشكل عام. سيعزز ذلك نفوذ تركيا، ويقلص النفوذ الإيراني ونظام الأسد بشكل كبير. أما فيما يتعلق بروسيا، فلا تزال الأمور غير واضحة، خاصة مع “الغزل” الموجّه من الجولاني إلى روسيا.
كما سيزيد هذا الوضع من التدخل الدولي، إذ نقلت القناة 12 الإسرائيلية تقارير عن تنسيق إسرائيلي-أمريكي بخصوص التطورات في سوريا والخوف من الفوضى. وسيؤدي ذلك أيضًا إلى تصعيد التوتر الإقليمي بين الدول المتصارعة على النفوذ في سوريا. وفي الوقت ذاته، سيخفف هذا التطور من الضغط على تركيا بشأن اللاجئين، إذ ستتاح لهم فرصة العودة إلى بيوتهم ومناطقهم التي خرجت عن سيطرة الأسد. ومن شأن ذلك تقليل الغضب واليأس، مما قد يحدّ من تنامي الإرهاب.
سيساهم تحرير هذه المناطق في تحسين الوضع الإنساني، حيث ستصل المساعدات الإنسانية بشكل أفضل للمدنيين، وسيتلقون دعمًا في الكهرباء والإنترنت القادم من تركيا، مما يسمح بحياة يومية أفضل. ومع ذلك، قد تواجه هذه المناطق تحديات كبيرة في إعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية إذا لم تتمكن القوى البديلة التي حلت محل نظام الأسد من تشكيل إدارات محلية فعّالة قادرة على تعبئة الفراغ الذي تركه غياب مؤسسات النظام. ومن الممكن أيضًا عزل مؤسسات الدولة عن النظام الأمني الأسدي وتركها تعمل كما كانت، مع نقل تبعيتها إلى القوى الجديدة المسيطرة.
سيساهم تحرير هذه المناطق كذلك في تعزيز فرص التوصل إلى حل سياسي شامل يُفضي إلى انتقال السلطة من نظام مستبد قاتل لشعبه، ناهب لثروات بلاده، وعميل لقوى الخارج، إلى نظام تعددي ديمقراطي يتساوى فيه جميع المواطنين أمام القانون. ومع ذلك، قد يزيد هذا التحرير من احتمالات الاقتتال الداخلي بين الفصائل المختلفة، كما حدث في السنوات السابقة في الشمال السوري.
بالإضافة إلى ذلك، يفتح تحرير هذه المناطق المجال لتحسين الاقتصاد السوري من خلال استعادة السيطرة على الموارد الطبيعية والبنية التحتية للدولة. ومع ذلك، سيواجه الاقتصاد السوري تحديات كبيرة في إعادة بناء ما دمرته الحرب على مدار سنوات طويلة.
اقرأ أيضاً: جيش سوريا الحرة يعزز جاهزيته في البادية السورية