رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين في لبنان
المنظمة دعت الحكومات التي تقدم التمويل للجيش اللبناني والأمن العام الضغط عليهما لإنهاء عمليات الترحيل وباقي الانتهاكات لحقوق السوريين
أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش أن الأشهر الأخيرة شهدت احتجاز السلطات اللبنانية سوريين تعسفيا وعذبتهم وأعادتهم قسراً إلى سوريا، وبينهم نشطاء في المعارضة ومنشقون عن الجيش.
ووثقت المنظمة بين كانون الثاني وآذار من العام الحالي، إقدام الجيش اللبناني والمديرية العامة للأمن العام، على الإعادة القسرية بحق منشق عن الجيش السوري وناشط معارض.
وفي قضية منفصلة احتجزت مخابرات الجيش اللبناني لفترة وجيزة وعذّبت رجلاً سورياً بزعم مشاركته في مظاهرة تضامنية مع النساء في غزة.
وقال الباحث في رايتس ووتش رمزي قيس: إن المسؤولين اللبنانيين فرضوا لسنوات ممارسات تمييزية ضد السوريين المقيمين في البلاد كوسيلة لإجبارهم على العودة إلى سوريا، التي ما زالت غير آمنة، مشيراً إلى أن الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والترحيل بحق السوريين الذين يواجهون خطر الاضطهاد المثبت إذا عادوا، هي نقاط تمعن في تلطيخ سجل لبنان في التعامل مع اللاجئين.
وفي آذار الماضي، كشف تقرير للأمم المتحدة إلى أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على علم بترحيل 13772 فرداً من لبنان أو إرسالهم إلى الحدود السورية.
وذكر التقرير الأممي أن 27 بلدية لبنانية اتخذت إجراءات تحد من قدرة اللاجئين السوريين النازحين في جنوب لبنان على إيجاد مأوى بديل، في إشارة إلى تهجير عشرات الآلاف من جنوب لبنان في أعقاب القتال عبر الحدود بين إسرائيل والفصائل المسلحة اللبنانية والفلسطينية المستمرة منذ تشرين الأول 2023.
وكشف تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش عن زيادة الوزراء والمسؤولون السياسيون اللبنانيون دعواتهم إلى عودة السوريين في لبنان منذ مقتل مسؤول محلي في حزب سياسي على يد مجموعة من السوريين، بحسب زعم الجيش اللبناني، ما تسبب في تأجيج العنف المستمر ضد السوريين، فيما أفادت تقارير عن تعرّض سوريين في لبنان للضرب ومطالبتهم في جميع أنحاء لبنان بالرحيل عن منازلهم. كما فرضت المحافظات والبلديات حظر تجول تمييزي، متسببةً على نحو غير قانوني بتقييد حقوق السوريين في حرية التنقل.
وفي حديثه لرايتس ووتش يمثّل رئيس برنامج الدعم القانوني في مركز سيدار للدراسات القانونية المحامي محمد صبلوح 3 سوريين، تم ترحيل اثنين من موكليه وهما رأفت الفالح ومعاذ الوعر، بينما يواجه ياسين العتر وهو ناشط سوري معارض أمر ترحيل من قبل الأمن العام.
وفي التاسع من نيسان الحالي أرسلت هيومن رايتس ووتش رسائل تتضمن نتائج أبحاثها وأسئلة إلى الجيش اللبناني ومديرية الأمن العام، لكنها لم تتلق أي رد.
وأفاد صبلوح أن الجيش رحّل رأفت الفالح المنشق عن قوات الأسد في كانون الثاني، بعد احتجازه عند حاجز للجيش قرب طرابلس.
وتلقى أحد أفراد أسرة الفالح في سوريا مكالمة هاتفية من مسؤول عرّف عن نفسه بأنه عضو في المخابرات العسكرية السورية، وأنه يسعى للحصول على معلومات حول الفالح وانتماءاته السياسية وأبلغ قريب الفالح بأن لبنان سيسلم الأخير قريبا إلى السلطات السورية.
كما اتصل بأسرة الفالح بعد بضعة أيام مسؤولٌ عرّف عن نفسه بأنه عضو في “الحزب السوري القومي الاجتماعي”المكلف بالتحقيق مع المنشقين عن قوات الأسد في لبنان، وأخبرهم أن لبنان رحّل الفالح إلى سوريا وأن الأخير محتجز في “الفرع 235” سيئ الصيت للمخابرات العسكرية السورية، والمعروف بـ “فرع فلسطين”، في دمشق، فيما لم تتمكن عائلته من معرفة أي شيء عنه منذ ذلك الحين.
وفي قضية منفصلة، أمرت السلطات اللبنانية شهر آذار الناشط في المعارضة السورية جمعة لهيب بمغادرة لبنان خلال 21 يوما عندما ذهب لتجديد أوراق إقامته لدى الأمن العام.
وفرّ لهيب المنحدر من معرة النعمان في إدلب إلى لبنان عام 2011، بعد أن اعتقلته السلطات السورية نتيجة مشاركته في الاحتجاجات، وأصدر الأمن العام أمر الترحيل رغم أن لهيب مسجل لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين ويواجه إذا عاد خطرا جديا يتمثل في الاضطهاد.
وقال المحامي صبلوح إن مسؤولي الأمن العام حاولوا مراراً ترهيب جمعة لهيب بسبب دفاعه عن اللاجئين المعرضين لخطر الترحيل.
وطالبت هيومن رايتس ووتش الحكومات التي تقدم التمويل للجيش اللبناني والأمن العام الضغط عليهما لإنهاء عمليات الترحيل غير القانونية وباقي الانتهاكات لحقوق السوريين، داعية الحكومات المانحة لوضع آلية علنية لتقييم تأثير تمويلها على حقوق الإنسان، والضغط على لبنان للسماح بآلية إبلاغ مستقلة لضمان عدم مساهمة التمويل في انتهاكات حقوقية أو إدامتها.
اقرأ أيضاً: انقلاب أم نزاع.. اتهامات متبادلة داخل فرقة المعتصم