صفا عبد التركي
عندما نتحدث عن الحراك الشعبي في سوريا، تشد الأنظار غالبًا نحو الأحداث الكبرى والشخصيات الرئيسية. وتغيب الأحداث والشخصيات البسيطة. مع أنها تملك دوراُ مهماً ومؤثراً جدًا في الحراك لا يجب تجاهله، من هذه الأشياء التي يتم تغييبها أو تجاهلها دور النساء في الثورة السورية والذي تم تجاهله أو تغييبه أحياناً لسبب أو آخر وقد يعود هذا لطبيعة المجتمع المحافظة أو الذكورية ولما يحكمه من عادات وأعراف وتقاليد جعلت من دور المرأة هامشياً وقد يكون السبب ديني كما فعلت بعض الأطراف على تغييب دور المرأه لكننا شاهدنا في الأسابيع الأخيرة دوراً مؤثراً وواضحاً للمرأة في الحراك ونتحدث في هذا السياق عن مشاركة النساء في الحراك الأخير بمحافظة السويداء، التي تعد واحدة من أهم المناطق الداعمة للثورة السورية، وقد لعبت النساء دورًا حاسمًا في تشكيل واستدامة الحراك الاحتجاجي السلمي والنضال من أجل الحرية والعدالة في سوريا وهذا مالاحظناه من خلال مشاركتها اليومية في التظاهرات والاعتصامات حيث كانت النسوة في مقدمة الصفوف يقدمن أكبر دليل على أنهن نصف المجتمع وجزء لايتجزأ من هذا الحراك وأنهن على استعداد لتقديم كل مايمكن تقديمه وربما يعود سبب المشاركة الكثيفة للنساء في هذه المحافظة إلى التركيبة المجتمعية لهذه المنطقة التي على الرغم من كونها لاتزال محافظة وتحافظ على القيم والعادات الأصيلة فإنها تعطي للمرأة دوراً مهماً وقد يكون سبب ذلك هو ثقافياً أو دينياً لما لهذه المحافظة من خصوصية ثقافية جعلت نسبة التعليم عالية فيها بسبب قربها من العاصمة أو لاختلافها الديني والمذهبي الذي يجعلها أكثر إنفتاحاً .
مع ذلك فهذا لايعني أن المرأة في المناطق الأخرى لم تقدم ماقدمته أختها في السويداء فمنذ بداية الحراك في سوريا عام 2011، أظهرت النساء السوريات شجاعة استثنائية في مواجهة الظلم والقمع وقد شاهدناها في المظاهرات والمشافي الميدانية وناشطة إعلامية ومعتقلة تعرضت لكل أنواع الظلم ولكل الإنتهاكات وأحياناً مقاتلة على المحاور إلا أن النساء في محافظة السويداء، التي تشتهر بتنوعها الديني والثقافي، استطعن أن يمثلن نسيجًا حضريًا وريفيًا متنوعًا، وأن يبرزن دورهن بشكل جيد ، وقد أسهمن بشكل فعال في تشكيل الحراك وتحقيق نجاحاته.
لقد كانت النساء في السويداء جزءًا لا يتجزأ من الحراك الشعبي منذ اللحظة الأولى. فقد خرجن مع الرجال وساهمن بتنظيم المظاهرات والاعتصامات، كما كان لهن دور في الحوارات التي جرت وفي المفاوضات مع السلطات القمعية ، وكان لهن دور إعلامي بارز تجلى في رسائلهن على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المحلية. وقد ساهمن من خلال تلك الأنشطة، في شرح الكثير من القضايا وفي رفع وعي المجتمع في السويداء وغيرها بقضايا مثل حقوق الإنسان والحرية الفردية والمواطنة وأشياء أخرى منسية من الحقوق والواجبات .
لم يقتصر دور النساء في السويداء كما في باقي المحافظات منذ بداية الثورة على المشاركة العامة في الحراك فقط، بل امتد تأثيرهن إلى العديد من المجالات الأخرى. وعلى سبيل المثال لا الحصر ، فقد نجحت نساء السويداء في بناء شبكات دعم اجتماعية ونفسية للضحايا وعائلات السجناء السياسيين. كما شاركن في تقديم الرعاية الصحية والمساعدة الإنسانية للمحتاجين في ظل الظروف الصعبة التي فرضها الواقع وغيرها الكثير من المساهمات التي لايمكن حصرها والحديث عنها بهذه المقالة .
فمن الجدير بالذكر أن النساء في السويداء قد تعرضن كغيرهن للكثير من التحديات الكبيرة والمخاطر أثناء مشاركتهن في الحراك. وقد تعرض بعضهن كما في باقي المحافظات للاعتقال والتعذيب، وتعرض البعض الآخر منهن لتهديدات وضغوط من قبل السلطات. إلا أنهن ، استطعن التصدي لهذه التحديات بصلابة وصمود وإصرار. واستمرن في التواصل مع المجتمع المحلي والمنظمات الدولية لنشر رسالتهن ومطالبهن ومطالب السوريين والتوعية بالقضايا التي يناضلن من أجلها.
لقد أثبتت نساء السويداء أنهن لسن فقط جزءًا لا يتجزأ من الحراك السوري، بل أنهن أيضًا قوة محورية لها وزنها ودورها في تحقيق التغيير . وتعكس قصصهن وجهودهن الشجاعة التي تساهم في تشكيل مستقبل سوريا والعالم بشكل أفضل. وإن الحديث عن هذه القصص والجهود المبذولة وتكريم واحترام دور النساء في الحراك ليس مجرد واجب، بل هو أيضًا تعبير عن الاعتراف بالقوة والإرادة التي تمتلكها تلك النسوة في مواجهة التحديات والتغلب عليها.
ولإظهار الوجه الآخر للثورة والدور الذي تقوم به النساء فيها كونهن يمثلن نصف المجتمع ويملكن القدرة على التأثير فيه لما لهن من أدوار محورية فيه وأهم هذه الأدوار دورهن كأمهات يستطعن أن يزرعن قيم الحرية في أبنائهن وبناتهن من خلال التربية لذلك لايمكن لمجتمع أن يكون حراً ولا لثورة أن تنتصر مالم يكن للنساء دور رئيسي .
شاهد أيضا : إسرائيل تشن غارات على اللواء 112 في ريف درعا الغربي