حقوق الإنسان في سوريا .. وعود لم تتحقق

حقوق الإنسان في سوريا: وعود لم تتحقق

على الرغم من أن دستور عام 1973 يصف سوريا بأنها دولة ديمقراطية شعبية اشتراكية ذات سيادة، ويعتبر الحرية حقًا مقدسًا، إلا أن الحقيقة كانت مختلفة تمامًا في عهد حافظ الأسد. كان نظامه مستبدًا، حيث لم يسمح بأي انشقاق وضغط على أي معارضة بشكل قمعي. تم وضع العديد من السجناء السياسيين خلف القضبان لسنوات، وذكرت منظمات حقوق الإنسان حالات تعذيب بشكل متكرر.

من الأحداث المروعة التي شهدتها سوريا في تلك الفترة هي إبادة المدنيين وتصفية عائلات بأكملها في مدينة حماة خلال شهر فبراير 1982. لم تكن هناك استثناءات حتى بالنسبة للأطفال والنساء وكبار السن.

تُوضح الجرائم التي ارتُكبت ضد الأسر بالتفصيل المروع الطريقة التي تم فيها استهداف الأبرياء بأوامر مباشرة من الضباط المسؤولين. ويُذكر من بين هذه المجازر مأساة عائلات مثل:

مذبحة أسرة فهمي محمد الدباغ عدد الشهداء ( 11) شخص و مذبحة أسرة حياة الأمين – عدد الشهداء ( 4 ) أشخاص
مذبحة آل الموسى – عدد الشهداء ( 16 ) شخص
– مذبحة أسرة القياسة – عدد الشهداء ( 3 ) أشخاص
– مذبحة أسرة العظم – ( 2 ) شخصين
– مذبحة منزل الدكتور زهير مشنوق ( 17 ) شخص
– مذبحة آل صيام ( 13 ) شخص
– مذبحة أسرة الكيلاني ( 4 ) أشخاص
– مذبحة أسرة أبو علي طنيش ( 8 ) أشخاص
– مذبحة أسرة التركماني ( 2 ) شخصين
– مذبحة منزل السيدة ميسون عياش ( 2 ) شخصين
مجزرة حماة 1982 :
إن مجزرة حماة في عام 1982 تظل شاهدة على وحشية النظام وانتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان.
رغم مرور الزمن، لا يزال مأساة مدينة حماة تشكل نقطة ساخنة في تاريخ سوريا، حيث شهدت أحداثًا مروعة خلفت آلاف الضحايا. ففي فبراير 1982، شنت القوات السورية هجومًا عنيفًا على المدينة، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتهجير مئات الآلاف الآخرين. تعرضت حماة لقصف مدفعي همجي، وتم تدمير منازل السكان ومساجدهم وكنائسهم، مما جعلها مشهدًا للدمار والخراب.

ما حدث في حماة ليس مجرد حادثة عابرة، بل كانت جريمة ضد الإنسانية بأبشع صورها. لقد تم انتهاك حقوق الإنسان والحياة بشكل مروع، وتم استهداف الأبرياء بلا رحمة. وما يزال العديد من الأشخاص المفقودين، مما يجعل المأساة مستمرة حتى اليوم.

تستحق ضحايا حماة العدالة والمساءلة، ويجب أن يتم تحديد المتورطين ومحاسبتهم أمام المحاكم الدولية. يجب على المجتمع الدولي الوقوف بجانب ضحايا هذه المجزرة ودعم الجهود لمحاسبة المسؤولين عنها، حتى لا تتكرر مثل هذه الأحداث المروعة مرة أخرى في المستقبل.

مجزرة سجن تدمر (1980 )
سجلت سوريا منذ فترة طويلة مجازر بشعة ضحيتها الأبرياء، ومن بين تلك المجازر كانت مأساة سجن تدمر في عام 1980. بدأت الأحداث عندما حاول أحد عناصر حرس الرئيس حافظ الأسد اغتياله، ورغم فشل المحاولة، إلا أنها أثارت غضب النظام. بأمر من رفعت الأسد، شقيق الرئيس، نُفذت عملية انتقامية مروعة في سجن تدمر.

تم نقل نحو 200 عنصر من سرايا الدفاع، التابعة لرفعت الأسد، إلى سجن تدمر، حيث اعتقل العديد من النشطاء وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين. تم فتح النار على السجناء داخل زنازينهم، وقُتلوا بوحشية دون رحمة. تم نقل جثث الضحايا ورميها في حفر قبلية في وادٍ قريب، ولم يكن هناك أي رادع يوقف هذه المجازر البشعة.

يُقدر عدد الضحايا في هذه المجزرة بحوالي 406 شهداء، ورغم مرور السنوات، فإن ذكراهم لا تزال تخيم مظلمة على تاريخ سوريا. يجب أن لا تُنسى هذه الجرائم، ويجب أن يتم محاسبة المسؤولين عنها أمام المحكمة الدولية لجرائم الحرب، لكي لا تتكرر مثل هذه الأحداث المأساوية مرة أخرى.

تزايدت المجازر الجماعية في عدة محافظات سورية، حيث استهدفت السلطات المواطنين الذين لا ينتمون إلى المذهب الرسمي المعترف به. تمت هذه المجازر عبر قنوات مختارة تمثل نفس الفئة الحاكمة في البلاد.
من بين هذه المجازر:

مجزرة جسر الشغور في 10 مارس 1980و مجزرة سجن تدمر في 27 يونيو 1980
ومجزرة سوق الأحد في حلب في 13 يوليو 1980 و مجزرة سرمدا في 25 يوليو 1980و مجزرة هنانو في حلب في 11 أغسطس 1980
مجازر متعددة في حماة بتواريخ مختلفة، بما في ذلك مجزرة حماة المشهورة التي بدأت في 2 فبراير 1982.
مجزرة ساحة العباسيين في دمشق في 18 أغسطس 1980.

وفيما يتعلق بالمفقودين في السجون السورية خلال عهد حافظ الأسد، يقدر عددهم بحوالي 17,000 شخص.

حقوق الإنسان في عهد بشار الاسد :

عندما تولى بشار الأسد السلطة، ظهرت آمال كبيرة بتحقيق إصلاحات وتحسين حقوق الإنسان. في البداية، قام بشار بالإفراج عن العديد من السجناء السياسيين وفتح بابًا لبعض حرية الصحافة. ومع ذلك، في عام 2005، تقيدت حرية التعبير مرة أخرى بعد إطلاق إعلان دمشق الذي طالب بالمزيد من الديمقراطية، وتلا ذلك موجة من الاعتقالات بتهم مثل “محاولة تغيير الدستور بوسائل غير مشروعة” و “نشر معلومات كاذبة”.

سياسة بشار الأسد بدأت مع وعود بالإصلاح وتحسين وضع حقوق الإنسان، لكنها تحولت إلى سياسة قمعية، حيث تم اعتقال عضو مجلس الشعب، مأمون الحمصي، في أغسطس 2001 بسبب انتقاداته للنظام السوري وتهمة “محاولة تغيير الدستور”.

في عهد بشار الأسد، شهدت سوريا تحولًا مؤلمًا في مجال حقوق الإنسان، حيث قامت أجهزة الأمن بسلسلة من الاعتقالات والمحاكمات التي استهدفت النشطاء والصحفيين والمدونين. بدأت هذه الممارسات بعد شهر واحد فقط من تولي بشار الأسد السلطة، حيث تم اعتقال عدد من النشطاء السوريين، بينهم رياض الترك، وعارف دليلة، ووليد البني، وكمال اللبواني، وحبيب صالح، وحسن سعدون، وحبيب عيسى، وفواز تللو، وتمت محاكمتهم وحكم عليهم بالسجن لفترات تتراوح بين سنتين وعشر سنوات بتهم متنوعة.

كما شهدت سوريا موجة من الاعتقالات التي استهدفت الصحفيين، حيث تم اعتقال إبراهيم حميدي بسبب تقرير نشره يتحدث عن استعداد سوريا لاستقبال مليون لاجئ في حال نشوب حرب في العراق،
وتم اعتقال الصحفيتان عزيزة وشيرين السبيني بتهمة نشر معلومات تضر بأمن الدولة
وكذلك تم اعتقال عبد الرحمن الشاغوري, ومهند وهيثم قطيش,ويحيى الأوس بتهم مختلفة تتعلق بنقل معلومات سرية ونشر أخبار كاذبة.

هذه الاعتقالات والمحاكمات تعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وتظهر السياسة القمعية التي اعتمدها نظام الأسد في مواجهة الانتقادات والتحركات السلمية للمطالبة بالديمقراطية والحريات الأساسية.
( المصدر هيومن رايتس ووتش )

إنتهاكات بحق الاكراد

سيطر القمع وانتهاك حقوق الإنسان على الأكراد في سوريا خلال فترة حكم نظام البعث، حيث كانت السياسة الرسمية تنظر إلى الأكراد على أنهم تهديد لوحدة البلاد. منع حافظ الأسد آلاف العائلات الكردية من الحصول على الجنسية السورية، وفرض قيودًا على احتفالاتهم بأعيادهم الثقافية مثل عيد نوروز.

في مارس 2004، تصاعدت التوترات بين النظام والأكراد، حيث اندلعت احتجاجات واسعة النطاق بعد أحداث عنف أثناء مباراة كرة القدم في دير الزور والقامشلي، أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا والجرحى واعتقال آلاف الأشخاص. كانت هذه الأحداث تجسيدًا لسياسة القمع التي تتبعها السلطات تجاه الأكراد.

أيضًا، شهدت سوريا في عهد بشار الأسد عمليات تصفية وانتهاكات في السجون، بما في ذلك سجن صيدنايا الذي شهد انتفاضة للمساجين في يوليو 2008، حيث قتل العديد منهم على يد مخابرات النظام. الأسد ونظامه استمرا في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة بعد اندلاع الثورة السورية في عام 2011، حيث بلغ عدد الشهداء والمعتقلين الذين سقطوا على يد النظام أعدادًا هائلة، ولم يتم محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، مما أدى إلى تفاقم الوضع وانعدام العدالة في سوريا.

اقرأ أيضاًً: وفاة مواطن أمريكي في سجون الأسد بعد 7 سنوات من اختفائه

فواز العطية

Recent Posts

الأول من نوعه في الشمال السوري: مركز للإخصاب ومعالجة العقم

يعكس إنشاء مركز متخصص للإخصاب في مناطق شمال غرب سوريا التزام القطاع الصحي بتقديم أفضل…

3 ساعات ago

الجيش الإسرائيلي يتوغل في ريف القنيطرة ويعتقل شخصاً

اعتقلت قوات إسرائيلية متوغلة داخل الأراضي السورية شخصاً في ريف القنيطرة.

4 ساعات ago

ميليشيا قسد تشن حملة دهم واعتقالات شرق دير الزور

شنت ميليشيا قسد حملة دهم واعتقالات في ريف دير الزور الشرقي.

4 ساعات ago

عشرات القتلى والجرحى في قصف إسرائيلي على تدمر شرق حمص

اعترف نظام الأسد بسقوط عشرات القتلى والجرحى، جراء قصف إسرائيلي شرق حمص.

يوم واحد ago

الإفراج عن شابين من أبناء السويداء من معتقلات نظام الأسد

أفرجت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري عن شابين يافعين من أبناء محافظة السويداء جنوب سوريا،…

يوم واحد ago

كيف يدفع المهجرون في الشمال السوري ثمن بقاء الأسد؟

في السنوات الأخيرة، شهد الشمال السوري تحولاً كبيراً في المشهد السياسي والاقتصادي، حيث تأثرت الحياة…

يومين ago