ثمانية أشهر ولا يزال حراك السويداء مستمر ، بعد أن أعلن من خلاله موقفاً واضحاً لمحافظة السويداء القابعة أقصى جنوب سوريا، موقفٌ عبر عن تراكم سنوات من الاحتجاجات خلال ثلاثة عشر عاماً من الثورة والاحتجاجات المتلاحقة في السويداء
إلا أن ما يميز حراكها في 20آب/أغسطس الفائت هو شموليته لكل قرى وبلدات السويداء في إعلان واضح عن أن ثورة الشعب السوري مستمرة من خلال مشاركة الآلاف والتجمع في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء الذي عبر عن تبلور الفكر الثوري للسويداء ، و الذي كان قد اعلن جماهيرياً عن انخراط سكان السويداء بشكل كامل بالثورة
استمرار وزخم
لعل ما يميز حراك السويداء السلمي هو استمراره بشكل يومي على مدار 260 يوماً ، فلم تتوقف فيه المظاهرات عن ساحات السويداء ، وبين غاية الاستمرار والحديث عن تراجع الأعداد بعد هذه الأشهر يحاول البعض إثارة الجدل حول تباثه
في حين أن الواقع داخل محافظة السويداء ، يؤكد أن الإجماع الشعبي أخذ موقفاً مشاركاً ومسانداً للثورة السورية فخلال الأشهر الأولى من الحراك تم تأسيس واقع جديد للسويداء واقع غير قابل للعودة واقع حدد خيار السويداء في الاستمرار في الثورة في فكرة تنادي بأن الاستمرار هو نجاح للثورة السورية
فأصبح سماع شعار إسقاط النظام كل يوم في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء من المسلمات غير القابلة للتوقف أو التراجع
فالتواجد في الساحة بشكل يومي ومستمر بعيداً عن مسألة الزخم والكم ، هو إعلان أن المشاركة الجماهرية قد اتضحت ومسألة الحديث عن عودة الزخم والأعداد لم يعد مهماً فالجميع مساند ومؤيد للحراك الشعبي
تفويض للاستمرار
صنعت الحاضنة الشعبية في السويداء بيئة ثورية في كل قرى وبلدات المحافظة ، من خلال التخلص من سلطة حزب البعث الحاكم ، عبر إغلاق مقرات حزب البعث والتخلص من صور ورموز آل الأسد ، وسط تأكيدهم على رفضهم للنظام والعمل على إسقاطه
وبعد المشاركة الكبيرة خلال الثلاثة أشهر الأول ، تم التركيز فيما بعد على هدف الاستمرار في المشاركة ، رغم أن الزخم والحالة الثورية كانت تتزايد بحسب المناسب كما حدث في ذكرى الثورة ، ويوم المرأة فقد كانت الساحة بكامل زخمها و حالتها الثورية
وما يميز الحراك اليوم هو التفويض والتأكيد الشعبي على ضرورة الاستمرار ، في حين أن تفاوت الأعداد يرجع إلى عوامل معيشية في انشغال السكان خصوصاً أن السويداء تعد منطقة زراعة وتحتاج للعمل الجاد ، بالإضافة إلى انشغال البعض في البحث عن قوتهم اليومي
إلا أن السويداء حددت خيارها وأعلنت بشكل واضح ضرورة استمرار الثورة ، لتكون هذه المشاركة هي لسان حال جميع سكان السويداء
ليبقى الاستمرار في الحراك الشعبي السلمي المنادي بإسقاط نظام الأسد ، هو أمل الشعب السوري بأن الثورة مستمرة وهي خيار الشعب من الشمال إلى الجنوب
تصعيد يعيد الزخم
راهن النظام في محاولة استنزاف انتفاضة السويداء عبر عامل الوقت, فهو يحاول مؤخراً تصعيد المشهد عبر إرسال تعزيزات عسكرية إلى محافظة السويداء في رسالة فهمها سكان السويداء بأنها تهديد مباشر لاستخدام العنف لقمع الحراك
تعزيزات وصفت بالأكبر منذ سنوات تم استدعائها إلى داخل محافظة السويداء ، توزعت على مواقع عسكرية وأمنية داخل المدينة ، من وجهة نظر النظام هي تهديد ضمني بأنه قادر على قمع الانتفاضة الشعبية كما فعل بباقي المحافظات السورية ، إلا أن أهالي السويداء قابلوا هذا التعزيزات بإصرار أكبر على الاستمرار في الثورة
وكانت الجمعة العظيمة كما أطلق عليها متظاهرو ساحة الكرامة, رداً واضحاً من السويداء للنظام بأن الثورة مستمرة وبزخمها الأول فقد شارك الآلاف فيها في مشهد أعاد للأذهان الشهور الأولى من انتفاضة السويداء في رسالة تنهي حالة الجدل التى حاول النظام الترويج لها خلال الشهرين السابقين بأن الزخم قد تراجع كما تحدثنا سابقاً
لتكن هذه الجمعة هي نقطة مفصلية في حراك السويداء بعد أن وضع سكان السويداء جميع السيناريوهات أمامهم ومنها المواجهة العسكرية رغم أنها ليست خياراً لهم فهم متمسكون بالسلمية لغاية اليوم, لتوجه ساحة الكرامة مجدداً رسائل للنظام وللقوى الدولية بأن الثورة السورية مستمرة مهما كانت وسائل القمع المتبعة وبأن الشعب السوري شعب يبحث عن الحياة وقضيته مستمرة حتى النصر
اقرأ أيضاً: أردوغان يلوّح باستكمال العمليات العسكرية ضد PPK في سوريا