سوريا

تصعيد عسكري في شمال سوريا: حصيلة القتلى تتجاوز 400

تصعيد عسكري في شمال سوريا: حصيلة القتلى تتجاوز 400

شهدت الساحة السورية في الأيام الأخيرة تصعيدًا غير مسبوق في العمليات العسكرية، حيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بارتفاع حصيلة القتلى جراء الهجوم الذي شنته الفصائل المسلحة في شمال سوريا إلى 412 شخصًا، بينهم 61 مدنيًا. تركزت الهجمات في مناطق عدة تحت سيطرة الحكومة السورية، ما يعكس توترًا جديدًا في سياق الصراع المستمر منذ سنوات.

ووفقًا للمرصد، أسفر الهجوم عن مقتل 214 عنصرًا من الفصائل المسلحة، و137 من القوات السورية والمقاتلين الموالين لها. كما قتل 61 مدنيًا، بينهم 17 سقطوا في يوم الأحد وحده، ما يبرز حجم الخسائر البشرية في صفوف المدنيين. وفيما يتعلق بالهجمات الجوية، ذكر المرصد أن الغارات الروسية كانت مكثفة على مناطق عدة، بما في ذلك مدينة حلب، حيث أسفرت إحدى الغارات عن مقتل 12 شخصًا، بينهم 8 مدنيين. كما طالت الغارات الجوية مدينة إدلب ومناطق ريف حماة الشمالية والجنوبية، ما يضاعف من معاناة السكان في هذه المناطق التي تشهد اشتباكات دامية بين القوات السورية والفصائل المسلحة.

منذ استعادة الجيش السوري بدعم من روسيا وإيران في أواخر عام 2016 السيطرة على مدينة حلب، كان الوضع العسكري في شمال سوريا يشهد تحولات متسارعة. ففي تلك الفترة، أُجبرت الفصائل المسلحة على الانسحاب من المدينة بعد أشهر من الحصار والقصف العنيف الذي قلب مجريات المعركة لصالح القوات الحكومية. ومع ذلك، يبدو أن الفصائل المسلحة، بقيادة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، استأنفت نشاطاتها الهجومية في الآونة الأخيرة، مستغلةً ضعف التواجد العسكري للقوات المدعومة من إيران في بعض المناطق.

في تصريحات أدلى بها مصطفى عبد الجابر، أحد قادة الفصائل المسلحة، أشار إلى أن التقدم السريع للفصائل في بعض المناطق يعود إلى قلة عدد المقاتلين المدعومين من إيران في محافظة حلب، ما شكل ثغرة استغلتها الفصائل لتحقيق تقدم ملحوظ في المناطق التي تشهد الآن صراعًا مسلحًا. من جهته، أعلن الجيش السوري استعادة السيطرة على عدد من البلدات التي اجتاحتها الفصائل المسلحة في الأيام القليلة الماضية، ما يعكس استمرار الصراع في مناطق الشمال السوري التي لا تزال تشهد اشتباكات متقطعة بين الأطراف المختلفة.

وفي وقت سابق، ادّعى بشار الأسد على أن “الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة”، زاعماً أن “الإرهابيين لا يمثلون الشعب ولا المؤسسات، بل هم مجرد أدوات في أيدي القوى التي تدعمهم وتوجههم”. هذا التصريح يعكس تمسك نظام الأسد بسياسة الحسم العسكري في مواجهة المجموعات المسلحة، ورفضه لأي حوار سياسي مع هذه الجماعات.

تستمر الغارات الروسية في ضرب أهداف عسكرية ومناطق سكنية في شمال سوريا، وهو ما يفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة. الغارات لا تقتصر على المواقع العسكرية، بل تشمل أيضًا مناطق سكنية، ما يودي بحياة العديد من المدنيين. وتعد الغارات الروسية جزءًا من الدعم العسكري المستمر من موسكو لنظام الأسد، وهو ما يجعلها هدفًا دائمًا للانتقادات من قبل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، الذين ينددون باستهداف المدنيين.

التصعيد الأخير في شمال سوريا يعكس حالة عدم الاستقرار المستمر في البلاد، ويعزز من معاناة المدنيين الذين يواجهون تبعات القصف والمعارك المستمرة بين الأطراف المتنازعة. وبينما يستمر الجيش السوري في استعادة المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة، تبقى الساحة السورية مرشحة لمزيد من التصعيد، في ظل غياب الحلول السياسية الفعّالة والتدخلات العسكرية الأجنبية التي تزيد من تعقيد الوضع.

اقرأ أيضاً: سوليفان: الثورة السورية نتيجة أفعال الأسد وواشنطن تراقب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى