تحويل النهر الأبيض في إدلب إلى “أسود” بفعل مخلّفات المنشآت
تحويل النهر الأبيض في إدلب إلى "أسود"
يشهد النهر الأبيض في إدلب كارثة بيئية متجددة في كل موسم عصر للزيتون، حيث تصب كميات ضخمة من المخلفات السائلة الناتجة عن معاصر الزيتون والتي تعرف باسم “الزيبار” في مجرى النهر مباشرةً
وتسبب هذه المادة شديدة السواد وذات التركيز العالي من المواد العضوية والكيماوية تلوثًا كبيرًا، مما يغير لون مياه النهر ويؤثر سلبًا على البيئة الطبيعية والأنشطة الزراعية في المنطقة حيث يتم الاعتماد على مياه النهر في الري.
الأضرار البيئية على الثروة السمكية
تحمل مياه “الزيبار” مستويات عالية من المواد الكيميائية السامة والمركبات العضوية الثقيلة التي تؤدي إلى اختناق الثروة السمكية في النهر
ينتج عن ذلك نفوق أعداد كبيرة من الأسماك سنوياً مما يقلل التنوع البيئي ويضرب موردًا غذائيًا محليًا رئيسيًا لسكان المنطقة. كما يؤدي التلوث إلى اختلال في التوازن الطبيعي للنهر، مما يعطل عمليات نمو الكائنات الدقيقة التي تدعم الحياة السمكية والبيئية بشكل عام.
مخاطر جسيمة على الزراعة والأمن الغذائي
يتسبب الزيبار أيضًا بأضرار مباشرة على المزروعات التي تُروى من مياه النهر الملوثة. حيث تزداد ملوحة التربة وتراكم السموم فيها، مما يجعلها غير صالحة للزراعة ويفقدها خصوبتها. يتسبب هذا التلوث بتراجع في كمية وجودة المحاصيل مهددًا بذلك مصدر دخل آلاف المزارعين في المنطقة، كما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج الزراعي لاعتماد الفلاحين على مياه آبار عذبة، وهذا يشكل ضغطًا إضافيًا على موارد المياه المحلية.
تكرار الظاهرة وزيادة المخاطر على السكان
مع تجدد هذا التلوث كل عام تزداد المخاطر الصحية على السكان، حيث تتلوث مصادر المياه الجوفية التي تعد منبعًا للشرب مما يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض تنفسية وجلدية. كما يهدد التلوث الصحة العامة للأطفال وكبار السن بشكل خاص، بسبب التراكيز العالية للمواد السامة في المياه المستخدمة لري الحدائق المنزلية أو في الاستحمام.
الحلول الممكنة؟
أكد أحد المهندسين الزراعين والناشط في مجال البيئة أن هناك حلول لمواجهة هذه الظاهرة المتفاقمة
تبرز الحاجة إلى حلول بيئية مستدامة مثل إنشاء محطات خاصة بمعالجة مياه “الزيبار” وتحويلها إلى موارد يمكن إعادة استخدامها بدلًا من تصريفها في الأنهار
و تشمل هذه الحلول أيضاً :
المعالجة الكيميائية والحيوية: إنشاء وحدات معالجة قادرة على فصل المركبات العضوية السامة وتحويلها إلى مواد غير ضارة أو صالحة لإعادة التدوير.
تدوير الفضلات: الاستفادة من “الزيبار” في تصنيع أسمدة عضوية أو إنتاج الطاقة الحيوية، مما يقلل من التصريف المباشر في الأنهار
التعاون مع أصحاب المعاصرتوعية أصحاب المعاصر وإرشادهم لتطوير عملياتهم بما يقلل النفايات، مع تشجيعهم على استثمار التقنيات النظيفة.
مع تطبيق هذه الإجراءات يمكن حماية النهر الأبيض من التلوث واستعادة تنوعه البيئي وضمان استمرار النشاط الزراعي وصحة السكان في إدلب.
اقرأ أيضاً: رايتس ووتش: نظام الأسد يقمع السوريين الفارين من لبنان