تجنيد الأطفال جريمة ترتكبها إيران في دير الزور

منذ أن سيطرت ميليشيات إيران على محافظة دير الزور عام 2017  بدأت هذه المليشيات بمحاولة استدراج الفئات العمرية للأطفال واليافعين من عمر 13 عاماً حتى 18 عاماً من  لتجنيدهم لمصلحتها، حيث استغلت حاجة الأهالي للمال وللمساعدات الإنسانية من مواد تموينية وأطعمة وذلك كسياسة لينة تعمل من خلالها على ترغيب تلك العائلات التي تعاني من وضع مادي صعب منعها من ترك منازلها بالغالب، إضافة إلى وعود بضمان عدم تجنيدهم في قوات النظام، وأيضاً الحصول على بطاقات عدم تعرض على الحواجز وبطاقات حمل السلاح.

كذلك باستخدام سياسة التهديد باعتبار كل من يرفض ذلك مقرباً أو منتمياً للمعارضين للنظام وبالتالي من السهل اعتقالهم أو اعتقال ذويهم.

دفعت تلك الأسباب إيران عبر ميليشياتها للعمل على الضغط على الأهالي في دير الزور من خلال – استقطاب الأهالي بواسطة القرابة في الحالة العشائرية: عمدت المليشيات لإنشاء شبكات تقارب بينها وبين عشائر المنطقة وخاصة عشيرة البكارة من خلال شيخها نواف راغب البشير الذي زار إيران عام 2017 ، وعاد منها ليشكل لاحقاً ميليشيا محلية عرفت باسم لواء الباقر نسبة للإمام محمد الباقر، استغلت إيران /عشيرة البكارة /على أنهم عشيرة تابعة لآل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم

عشيرة المشاهدة : أيضاً عند دخول الميليشيات الإيرانية لمدينة البوكمال، بدأت هذه المليشيات بالتقرب من عشيرة المشاهدة التي يدعي الإيرانيون أن أصولها من مدينة مشهد في إيران وأيضاً يعود نسبهم لآل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قام المدعو أبو عيسى المشهداني بالتقرب من الحاج عسكر مسؤول الحرس الثوري في دير الزور من خلال تزويج أحد بنات أعمامه للحاج عسكر وتزويجه للحاج أبو زينب مسؤول مليشيا فاطميون. بعد هذه المصاهرات التي حدثت بينهم تم إعطاء الصلاحيات لأبو عيسى المشهداني قائد اللواء 47 وهو أحد أكبر المليشيات المحلية في دير الزور والتي تتبع للحرس الثوري، انضم إليها عدد كبير من أبناء البوكمال وريفها الموالين لنظام االأسد سابقاً. ثم تم إنشاء لواء خاص لعشيرة المشاهدة وهو لواء هاشميون، أيضاً تحت قيادة أبو عيسى المشهداني

يتكون اللواء من حوالي 400 مقاتل كلهم من أبناء عشيرة المشاهدة.

 أهم الميليشيات والعوامل التي ساعدت على تجنيد الأطفال.

كشافة المهدي : أنشأت كشافة المهدي في أيار مايو عام 1985 على أنها حركة تربوية تعليمية تقدم لمنتسبيها أنشطة ترفيهيه وتعتمد تسميتها عند الشيعة نسبة للإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر أحد أئمة الشيعة المغيبين، ويعد حزب الله اللبناني هو أحد المؤسسين لهذه الكشافة بإشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني والحوزات العلمية في إيران نشأتها في سوريا : أسسها القيادي في الحرس الثوري الجنرال حسن خوش نويس الملقب ب حسن الشاطري أوائل العام 2011 تحت إسم كشافة الولاية التي عرفت لاحقاً بإسم كشافة الإمام المهدي وكان مقرها السيدة زينب في دمشق.

 ظهورها في محافظة دير الزور تم إفتتاح أول فرع للكشافة في محافظة دير الزور بشكل رسمي في 10 تشرين الثاني 2019، بعد أن كانت تعمل بشكل سري في المحافظة لمدة ثلاثة أعوام بالخفاء. عمدت الكشافة إلى استهداف المدارس الحكومية وخاصة الإعدادية والثانوية من خلال زيارات إلى المدارس بالتعاون مع قيادات في الحرس الثوري الإيراني و المركز الثقافي الإيراني، وذلك من خلال إرسال مندوبين يعملون بصفة مدرسين وإقامة أنشطة منها المسابقات والرحلات الترفيهية. وكان يحضر الأنشطة الحاج صادق الإيراني مسؤول المركز الثقافي الإيراني في دير الزور و ساهر الصكر رئيس فرع حزب البعث وبسام السطام المسؤول عن التجنيد في دير الزور والميادين وعدنان السعود أبو العباس قائد مليشيات أبو الفضل العباس في دير الزور. أيضاً كان هناك فرع نسائي خاص بتجنيد الفتيات حيث لم يقتصر جذب الأطفال على الذكور بل أيضأ الإناث بفرع خاص من كشافة المهدي تحت إسم فتيات الكشافة او مايعرف في دير الزور ب نجمات البتول.

المراكز التي تم اعتمادها في دير الزور لتجنيد الأطفال:

مركز النور الساطع في مدينة الميادين : كان مقراً للحسبة خلال سيطرة تنظيم داعش على الميادين، تم افتتاحه عام 2019 ويشرف عليه (سيد أيوب و سيد مهدي) وهما إيرانيان بمساعدة المدعو أبو أسد وهو سوري الجنسية من قرية الحوايج بريف دير الزور، يوجد في المركز حوالي 250 طفلاً من الميادين وريفها وازداد العدد حتى نهاية عام 2023 وبداية العام 2024 ليتجاوز العدد 400 طفل

 مركز الشدوخي في مدينة الميادين تم افتتاحه في شهر أيار عام 2019 يشرف عليه المدعو الحاج ابراهيم الإيراني وشخص سوري من مدينة حماه يدعى طلال الحموي وشخص من مدينة دير الزور يدعى قيس أبو سرمد مقرب من الحرس الثوري، ويضم المركز حوالي 140 طفل حسب اخر إحصائية نهاية عام 2023

 مركز البصيرة على أطراف مدينة الميادين على طريق قلعة الرحبة وهذا المركز مخصص للتدريب البدني وفنون القتال والرياضة يشرف عليه المدعو الحاج ابراهيم الإيراني وظيفة هذا المركز الإشراف على التدريبات بعد إنهاء الأطفال الأنشطة في المراكز التي ذكرناها سابقاً. 

مركز النصر في حي الصناعة في محافظة دير الزور وهو مركز تدريب قتالي لتأهيل الأطفال لخوض المعارك والتدريب على استخدام الأسلحة. حيث تقام الدورات القتالية في مركز اللواء 137 جنوب غرب مدينة ديرالزور، وبعدها يتم إرسالهم إلى جبهات القتال في البادية أو الحواجز أو المقرات

مدرسة المعري في البوكمال تقع هذه المدرسة تحت سيطرة الفوج 47 حرس ثوري بقيادة أبو عيسى المشهداني ويتم من خلالها تدريب الأطفال على فنون القتال بعد إعطائهم دروس دينية وعقائدية على أيدي بعض المعممين الذين يستضيفهم المركز الثقافي الإيراني إلى البوكمال وباقي المناطق

 مركز حطلة وهو مركز يشرف عليه عضو مجلس الشعب “محمد أمين الرجا” الذي استقطب عدد من أهالي حطلة ونسبهم إلى صفوف حزب الله السوري ولواء فاطميون. وتعتبر قرية حطلة أحد المراكز الهامة للتشيع في المحافظة إذ دخل إليها التشيع مع بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي عبر عدد من أبنائها وبدعم من حكومة النظام السوري وجمعية الإمام المرتضى التي كان يديرها جميل الأسد عم رأس النظام الحالي بشار الاسد. حيث عاد عدد كبير من أبناء القرية التي تسيطر عليها إيران، والذين فروا عام 2013 من منازلهم بعد معارك مع الجيش الحر، ليعودوا عام 2018 مع المليشيات الشيعية وتقدر رواتب الأطفال بين 250 ألف ليرة سورية عند بداية تجنيدهم لتصل إلى 450 الف ليرة سورية بما يعادل 150 دولاراً عند التخرج من الدورة. لاتزال إيران منذ سيطرتها تعمل على تجنيد الأطفال في دير الزور وجعلهم وقود حرب خاصة في المعارك ضد التنظيم في بادية دير الزور وبادية البوكمال ويقدر عدد الأطفال الذين قتلوا في المعارك ب 14 طفلاً خلال عامي 2020 و 2021 و23 طفل قاصر حتى منتصف عام 2023  بينهم لبنانيون وسوريون وعراقيون. إذ اعتمدت الأمم المتحدة البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 263 الدورة الرابعة والخمسون المؤرخ في 25 أيار/مايو 2000 دخل حيز النفاذ في 23 فبراير 2002 وادانت من خلاله عمليات استغلال وتجنيد الاطفال وزجهم في الصراعات المسلحة كما ادانت استهداف الأماكن التي من المتوقع انها تحتوي على عدد كبير من الأطفال مثل المدارس والمشافي

طرق التجنيد :

تتم طرق التجنيد عبر المراكز الثقافية الموجودة في المحافظة والتي تقيم دورات عقائدية للأطفال دون السن القانونية

بل وتستغل بعض الدورات التي تقيمها مثل الرسم – الإعلام- وغيرها لدس بعض العقائد في عقول الأطفال

شاهد حي : يتحدث عمار من أهالي ريف البوكمال نازح في مدينة هجين منذ عام 2022عن طفل من أقاربه حيث دفعت عائلة الطفل أبنها للمشاركة في أحد الدورات التدريبية التي اقامها المركز الثقافي الإيراني في البوكمال وكانت الدورة هي لتعلم الرسم

يقول عمار أن الطفل أصبح يرسم رسومات شيعية ويكتب تحتها من العبارات الطائفية التي ترددها تلك المليشيات مثل لبيك يا زينب أو يا لثارات الحسين وغيرها وكانت الرسومات التي تعلمها هي بالأساس رسومات طائفية مثلا خيام محروقة أو سيف ذو سنين ( سيف ذو الفقار )

يكمل عمار أنه حذر والد الطفل من مخاطر هذه الدورات التي بدأت تغسل دماغ طفله لكن الأب تذرع بحجة أنه بحاجة للمبلغ الذي سيأخذه الطفل نهاية الدورة والحصة الغذائية التي سيحصل عليها .

دورات للأطفال في سوريا والعراق:

تقوم المراكز الثقافية الايرانية بإرسال أطفال من مناطق دير الزور وريفها لتدريسهم في الحوزات العلمية في مدن قم في إيران

والنجف في العراق حيث شهد عام 2021 ارسال دفعتين الأولى : 55 طفل من مختلف مناطق دير الزور وخاصة بلدة حطلة تم ارسالهم إلى الحوزة العلمية في مدينة النجف العراقية لتعلم المذهب الشيعي

الثانية : 15 طفل تم إرسالهم إلى مدينة كربلاء كما سجل إرسال دفعتين سابقتين واحدة إلى مدينة قم والثانية إلى مدينة النجف ولم نتمكن من معرفة العدد الفعلي للدفعتين

وبحسب مصادر متعددة أنه كل سنة يتم ارسال دفعات إلى المدن الشيعية في كل من إيران وكربلاء

أطفال في معسكرات التدريب :

خضع العديد من ألاطفال في مناطق سيطرة الميليشيات الإيرانية لدورات منها محو امية السلاح

وهذه الدورات هي لتعليم الأطفال على أستخدام البندقية الألية كلاشنكوف والمسدس الحربي

دورات أكثر خطورة:

دورات لتعليم زراعة وفك الألغام والتعامل مع المفخخات

دورات تعليم استخدام القذائف الصاروخية المحمولة على الكتف مثل البازوكا و الاربيجي

وربما ستشهد بالمستقبل دورات للتحكم بالطيران المسير أو إطلاق الصواريخ متوسطة المدى

تجاهل دولي وعربي :

رغم ان ما تفعله أيران وميليشياتها بأطفال دير الزور واغلبه ضاهر للعلن لكن نرى المجتمع الدولي والعربي صامت إزاء ما تفعله إيران رغم ان تجنيد الأطفال جريمة يحاسب عليها القانون الدولي

اقرأ أيضاً: الجيش الوطني يقبض على “شبيح” في رأس العين بعد غضب شعبي