بعد مرور أكثر من 13 عامًا على انطلاق الثورة السورية، خرج اليوم الجمعة 13 كانون الأول، ملايين السوريين من مختلف أطيافهم وانتماءاتهم الدينة والسياسية إلى الساحات المركزية في المحافظات السورية: دمشق، وحلب، وحماة، وحمص، ودرعا ودير الزور، واللاذقية، والسويداء وغيرها من المدن، احتفالاً بنصر الثورة السورية وإسقاط نظام “بشار الأسد” البائد، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد دامت 24عامًا، مستخدمًا مع شعبه سياسة البطش والقمع، بعد أن ورث الحكم عن والده حافظ الأسد عام 2000.
توافد آلاف السوريين إلى ساحة الأمويين في دمشق لتعبير عن فرحهم بسقوط نظام الأسد، الذي حكم البلاد لأكثر من 50 عامًا، وذلك في جمعة أُطلق عليها اسم “جمعة النصر”، وقد هتف المشاركون بهتافات ثورية تعبر عن تطلعاتهم نحو سوريا الجديدة بلا نظام الأسد، وكما خرج الآلاف من السوريين من مسجد بني أمية الكبير في العاصمة دمشق للمشاركة في احتفال النصر، والذي اتسم بطابع مختلف عن باقي المحافظات السورية، نتيجة لتحرر هذه المدينة من مظاهر ذات الصبغة الإيرانية، التي تمددت في أحياء دمشق القديمة.
وكان من بين المشاركين الناشط المنشد الثوري أبو ماهر الصالح الذي ينحدر من ريف دمشق (الغوطة الشرقية)، قال لوكالة الصحافة السورية، إن مشاعره كانت ممزوجة بين الفرح والبكاء وبين الحلم واليقظة بانتصار الثورة السورية، وأضاف أنهم هتفوا هتافات ثورية ولخلاصهم من عهد عائلة الأسد التي حكمت البلاد لأكثر من 50 عامًا، وأعلنوا بداية عهد جديد لسوريا الحرة، التي تحتضن جميع السوريين على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم، وعبر عن آماله بأن تتعافى سوريا من ندوب الحرب خلال السنوات السابقة من الثورة، وكما أكد على وحدة الشعب السوري وتماسكه الاجتماعي بين أبنائه، وأضاف أنهم طالبوا بمحاسبة مجرمي الحرب من نظام الأسد لضمان عدم إفلاتهم من العدالة والمساءلة.
ولم يختلف أيضا المشهد في مدينة إدلب التي احتضنت جميع السوريين المهجرين قسرًا عن مدنهم، حيث شارك آلاف السوريين من مختلف المحافظات السورية في “جمعة النصر”، التي اعتبروها يومًا عظيمًا ومجيدًا لتاريخ سوريا الحاضر.
وكان من ضمن المشاركين الناشط والصحفي شفيق الخولي، الذي ينحدر من بلدة مسرابا بريف دمشق، قائلًا لوكالة الصحافة السورية: “أبارك للشعب السوري العظيم انتصاره المجيد على نظام الأسد الفاشي، وكان شعوري باحتفالية سقوط النظام ممزوجا بالفرح العارم والأمل الكبير في مستقبل أفضل لسوريا الجديدة، وشعرت أيضا بشعور الفخر لانتمائي لهذا الشعب الذي ضحى بالكثير من أجل حريته وكرامته، كما تجسدت هذه اللحظات التاريخية بانتصار إرادة الشعب السوري العظيم الذي رفض الخضوع للظلم والقهر”.
وشاطرته ذات المشاعر مراسلة قناة حلب اليوم سلوى عبد الرحمن، خلال حديثها لوكالة الصحافة السورية، بأنها شعرت بالفخر والاعتزاز لانتمائها للثورة السورية منذ بداياتها، ومعبرةً عن مدى سعادتها بإن الثورة حققت أهدافها بإزاحة بشار الأسد وميليشياته الطائفية من الحكم في سوريا، وأضافت أن ذلك كان على “أيدي الثوار الأبطال الذين انجزوا ما عجزت عن تحقيقه أعتى جيوش العالم”، وأشارت إلى أن هذا اليوم كان تاريخيًا ومفصليًا في حياة السوريين، مؤكدةً أن السوريين طالبوا بإعدام بشار الأسد وكل من تلطخت أيديهم بدماء وتعذيب وتهجير ملايين السوريين، وكما شددوا على ضرورة تحقيق العدالة والمساواة بين كل أطياف الشعب السوري، وختمت بحديثها بالتعبير عن أملها في أن تنعم سوريا شعبًا وأرضًا الأمن والأمان والاستقرار بعد 54 عامًا من الدكتاتورية والظلم.
واعتبر الصحفي الخولي بأن هذه المرحلة التي وصلت إليها سوريا بعد نحو 14 عامًا من النضال والكفاح في الثورة هي خطوة البداية نحو تحقيق أهداف الثورة السورية، وأضاف: “عشنا هذه اللحظات وكأننا نسترد أنفاسنا بعد سنوات طويلة من الاختناق عن حرية الرأي والتعبير”، وأوضح أن الشعب السوري أكد خلال الهتافات الثورية على وحدته وحريته وإصراره على تحقيق العدالة الكاملة، وكما أكد على أن ثورته ليست دعوة للانتقام، بل وسيلة لبناء سوريا الجديدة يسودها السلام والأمان.
وعبر عن أمله بأن تكون سوريا نموذجًا يحتذى بها للدول العادلة التي تحترم حقوق الإنسان، وأن تبنى سوريا على أساس المساواة بين جميع أطياف ومكونات الشعب السوري وأن تكون الحرية والتعددية من الركائز الأساسية لسوريا المستقبل، وأعرب عن تطلعه لأن سوريا دولة ذات سيادة وتحفظ حقوق جميع أبنائها بمختلف انتماءاتهم، وأن تصبح رمزًا للسلام والأمان كما كانت سابقا، وتستعيد مكانتها الحضارية على الصعيدين العربي والعالمي، وأشار إلى ضرورة إعطاء أولوية لإعادة إعمار ما دمرته سنوات الحرب، وأن يعود اللاجئون إلى بلدهم الأم حتى يبدأوا حياة جديدة مليئة بالفرص، ويساهموا في عملية إعمار البلاد بالتعاون والعمل يدًا بيد.
بعد حكم عائلة الأسد لأكثر من خمسين عامًا لسوريا من الظلم والطغّيان الذي مارسه الأب ثم ورثه الإبن، فاليوم أصبح الشعب السوري يتنفس الحرية التي كانت مخنوقة طيلة هذه العقود، وانكسر حاجز الخوف والرعب لديه، وأصبح حرًا من قيود تلك العائلة التي وصفت بالدكتاتورية الوحشية، وكما بإمكانه التعبير عن رأيه بكل حرية دون إقصائه أو الخوف من الأفرع الأمنية التي كانت تهدد حياته، وكانت شبحًا ظالمًا تلاحقه في كل مكان حتى في أدق تفاصيل حياته الخاصة.
شاهد أيضاً : ميليشيات الحشد الشعبي تفتتح معابر لشراء أسلحة تركها النظام في البوكمال
في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سقوط بشار الأسد، تلقّى النائب العام التمييزي في…
أعلنت إدارة الشؤون السياسية في حكومة تصريف الأعمال السورية، تكليف "أسعد حسن الشيباني" بحقيبة وزارة…
يستمر التصعيد العسكري في مناطق استيلاء ميليشيا قسد في ريف الرقة، تزامناً مع انشقاقات تشهدها…
بعد عمليات التحرير التي شملت جميع المدن السورية ومنها محافظة دير الزور المحافظة التي لايزال…
أكدت المنظمة الدولية للهجرة اليوم الجمعة20 كانون الأول، أن إعمار سوريا وإنماءها يتطلبان "إعادة تقييم"…
أكد الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أنه سيتوجه إلى دمشق الأحد في زيارة…