تشهد سوريا يوميًا ازديادًا في توافد أعداد اللبنانيين والسوريين العائدين إلى مناطق سيطرة النظام السوري، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على لبنان وتكثيف من الضربات العسكرية على مواقع ميليشيا “حزب الله” اللبناني في لبنان، واشتداد القصف على المناطق السكنية المأهولة بالمدنيين في جنوب لبنان، بالتزامن مع بدء عملية برية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، هذه الأعمال العسكرية دفعت مئات الآلاف من اللبنانيين والسوريين إلى مغادرة لبنان هربًا من جحيم الحرب وبحثًا عن مناطق أكثر أمانًا.
وبلغ عدد الوافدين اللبنانيين منذ 24 سبتمبر/أيلول الفائت حتى يوم السبت 5 تشرين الأول، أكثر من 86 ألف وافد وأكثر من 233 ألف عائد سوري، وفي حين دخل الأراضي السورية أمس الأحد 3651 وافداً لبنانياً و 5317 عائداً سورياً في إحصائية غير نهائية وذلك وفق إرقام إدارة الهجرة والجوازات التابعة للنظام السوري.
نظام الأسد يستغل أزمة الوافدين اللبنانيين إلى سوريا
يتظاهر نظام الأسد أمام المجتمع الدولي بأنه يعمل على احتواء أزمة النازحين اللبنانيين والسوريين العائدين إلى مناطقه بتقديم التسهيلات لهم لدخول الأراضي السورية، بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية والرعاية الصحية، وفي الوقت ذاته تعيش سوريا في مستنقع من الأزمات، وكل هذا بهدف تصدر النظام المشهد السياسي والإنساني رغم العقوبات الأميركية المفروضة عليه، مستغلًا هذا الحدث مجددًا في محاولًة لرفع أو التخفيف من تلك العقوبات.
وقال الكاتب الصحفي السوري حسن النيفي لوكالة الصحافة السورية: إن مبادرة نظام الأسد حيال اللاجئين اللبنانيين هي مشروع استثمار ولا تجسد تلبية لحاجات إنسانية قيمية، ذلك لأن النظام ينظر الى اللاجئين الوافدين من جنوب لبنان على أنهم حاضنة شعبية لحزب الله، ولا سيما أنهم امتداد لمؤيديه ومواليه، ومشيرًا إلى أن لا بد في هذه الحالة أن يظهر النظام أمام إيران وحزب الله على أنه ما يزال يحافظ على اصطفافه المقاوم أو الممانع معهم.
وأضاف النيفي أن نظام الأسد بالفعل يحاول تقديم جميع التسهيلات أمام اللاجئين اللبنانيين وكذلك يقدم لهم المساعدات ولو على حساب مواطنيه السوريين لأن الغاية من ذلك هي سياسية وليست إنسانية، ومنوّهً أن هذا التعامل الإيجابي مع الوافدين اللبنانيين من أنصار “حزب الله” اللبناني، يبدي النظام عكسه حيال اللاجئين السوريين في لبنان الذين اضطروا للعودة الى سوريا بسبب الحرب الإسرائيلية التي تشهدها لبنان، وهذا يؤكد أن نظام الأسد يستثمر سياسيًا بمسألة اللاجئين إرضاءً ونفاقًا لإيران وأذرعها في المنطقة، على حد تعبيره.
تدهور أوضاع العائدين السوريين في لبنان وسوريا
مع بداية الحرب الإسرائيلية على لبنان منذ 23 أيلول الماضي، وارتفاع حدة التصعيد من خلال الاستهدافات المركزة بقصف الأحياء السكنية التي طالت المدنيين في جنوب لبنان، دفع ذلك السوريون واللبنانيون معًا بالفرار نحو سوريا، وقد قام نظام الأسد بتقديم تسهيلات للوافدين اللبنانيين لدخول سوريا، في حين يتجاهل أوضاع اللاجئين السوريين العائدين إلى بلدهم الأم، مما خلق تمييزًا واضحًا مقارنة مع الوافدين اللبنانيين في تقديم المساعدات الإنسانية والخدمات الصحية لهم.
رصدت صحيفة الشرق الأوسط حالة أوضاع السوريين العائدين من لبنان إلى سوريا وهم يفترشون العراء في حدائق دمشق، في ظل تجاهل تام من النظام لأوضاعهم، في حين قال مواطن سوري وهو رجل مسن عائد من لبنان لصحيفة الشرق الأوسط: “الناس تقول إن الحكومة فتحت مراكز إيواء، لماذا لا يأتون ويأخذوننا إليها؟ هي فقط للمدللين (النازحين اللبنانيين) الذين لديهم دولارات “.
وفي حديث سابق مع وكالة الصحافة السورية أوضح عضو الهيئة السياسية في “الائتلاف الوطني السوري” أحمد جميل بكوره أن النظام السوري يُقدم هذه التسهيلات لأسر عناصر من “حزب الله”، بينما يتجاهل بشكل واضح أوضاع اللاجئين السوريين الذين فروا من القصف الإسرائيلي ومن أهوال الحرب في لبنان، ملفتًا أن هذا التناقض يُظهر أن النظام لا يسعى إلى حماية شعبه أو إعادة اللاجئين إلى منازلهم، بل يستخدم الأزمة لتعزيز قبضته على مناطق استراتيجية، وضمان ولاء السكان الجدد الذين يوطّنهم في سوريا.
وفي وقت سابق وثق مركز وصول لحقوق الإنسان شهادات للاجئين السوريين في لبنان عن تدهور أوضاعهم الإنسانية وسط الممارسات التمييزية في توزيع المساعدات الإنسانية والإيواء، حيث يتعرض السوريون في لبنان لتمييز واضح مقارنة بالنازحين اللبنانيين بحرمانهم من الخدمات والمساعدات الأساسية وطردهم من مراكز الإيواء في مناطق بيروت وجبل لبنان ومنطقة الشمال والبقاع، وفي حين تتعالى أصوات السياسيين اللبنانيين بالدعوة إلى ضرورة عودة اللاجئين السوريين إلى سوريا، واعتبروا أن هذه المسؤولية تقع على عاتق حكومة بلادهم.
باتت أوضاع السوريين ومعاناتهم الإنسانية مشهدًا معتادًا عليه وأن قضيتهم يُتعامل معها بالتجاهل عمدًا، ويأتي هذا بالتزامن مع تعرضهم المستمر للانتهاكات العدائية ضدهم، ورفضهم في دول الجوار، وكأن وجودهم أصبح غير مرحب به، في المقابل يفتح نظام الأسد أبواب سوريا على مصراعيها لاستقبال الوافدين اللبنانيين، مع تقديم التسهيلات لهم، وبينما يُعرقل دخول المواطنين السوريين إلى وطنهم الهاربين من جحيم القصف الإسرائيلي على لبنان ليجدوا أنفسهم بجحيم آخر في مناطق سيطرة النظام حيث يمارس سياسة التجاهل والتمييز ضدهم، هذا ما جعل معاناتهم تتفاقم أكثر فأكثر.
اقرأ أيضاً: الشرطة العسكرية تغلق معبر عون الدادات شرق حلب
يعكس إنشاء مركز متخصص للإخصاب في مناطق شمال غرب سوريا التزام القطاع الصحي بتقديم أفضل…
اعتقلت قوات إسرائيلية متوغلة داخل الأراضي السورية شخصاً في ريف القنيطرة.
شنت ميليشيا قسد حملة دهم واعتقالات في ريف دير الزور الشرقي.
اعترف نظام الأسد بسقوط عشرات القتلى والجرحى، جراء قصف إسرائيلي شرق حمص.
أفرجت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري عن شابين يافعين من أبناء محافظة السويداء جنوب سوريا،…
في السنوات الأخيرة، شهد الشمال السوري تحولاً كبيراً في المشهد السياسي والاقتصادي، حيث تأثرت الحياة…