الطائرة الرئاسية المفقودة: خلفيات الغموض وأسئلة الشكوك
الطائرة الرئاسية المفقودة في إيران: خلفيات الغموض وأسئلة الشكوك
يضيع شيء ما ثم يجده الشخص بعد أن يبحث عنه، إما أن تضيع طائرة يستقلها الرئيس فهي طامة كبرى وتدعو الإنسان المحايد إلى التساؤل ووضع الأسئلة التي قد لا يجد إجابة رسمية عليها، لأن التخبط واضح لدى السلطات الإيرانية، فمن فقدان الاتصال إلى فقدان الطائرة إلى حادث إلى حدوث عاصفة، كل هذا الغموض يطرح أسئلة أخرى على دولة تدعي أنها دولة نووية. فكيف لهذه الدولة أن تفقد الاتصال مع طائرة يستقلها الرئيس ووزير خارجيته وبعض كبار المسؤولين؟ أم أن هناك شيء وراء هذا الفقدان وهل هو بفعل فاعل؟ وكذلك عدم تحديد مكانها يجعلنا نطرح أسئلة أكثر عن هذه الدولة التي تحتل أربعًا من كبرى العواصم العربية، فكيف تسنى لها ذلك؟ وهل هو ناتج عن قوتها؟ أم ضعفنا كعرب؟
ثم نفاجأ مرة أخرى في اليوم التالي حيث أعلنت وكالات الأنباء تحديد موقع الطائرة من قبل طائرة مسيرة تركية من نوع بيرقدار أيكنجي مزودة بمناظير ليلية فائقة القدرة ومستشعرات للمعادن وقدرة على تحليل البيانات، وهذا تم بناء على طلب السلطات الإيرانية كما قالت المصادر التركية، في الوقت الذي تاهت فيه عشرات المسيرات الإيرانية ولم تستطع تحديد مكان الطائرة. لكن المفاجأة كانت بعد تحديد موقع الطائرة بحديث قائد فيلق عاشوراء وتكذيبه للأخبار الواردة عن تحديد الموقع من قبل الطائرة التركية وتأكيده بأنهم هم الذين وجدوها وذلك لذر الرماد في العيون والظهور بمظهر القوي القادر. لكن هذا ما لا يمكن قبوله من أي عاقل، فكيف لدولة أن تفقد الاتصال بطائرة رئيسها وبكل الهواتف المحمولة الموجودة على الطائرة ولم يظهر أي نداء استغاثة ولا أي اتصال من الطائرة أو ركابها؟ في لحظة واحدة تختفي وبلا مقدمات حتى عن شاشات الرادار، وهل تم هذا بفعل فاعل؟ كل هذه الأشياء تحتاج إلى كشف ملابساتها في دولة غامضة ولا تملك من الشفافية أي جزء، كما أنها في الحقيقة لا تعلم حتى هذه اللحظات حقيقة ما حدث وتأخرت أكثر من عشر ساعات لإعلان وفاة الرئيس ومن معه، علمًا بأن جميع الدلائل كانت تشير إلى وفاتهم بعد ساعة من اختفاء الطائرة وعدم ورود أي خبر أو أثر لحياة منها أو من ركابها. وهذا ما يثير الريبة، كما أن مشاهدة فيديو حطام الطائرة التي تحطمت وعلى متنها الرئيس الإيراني والوفد المرافق له من قبل المتخصصين، وهذا ما شرحه العقيد عماد الدين السعيد في منشور على صفحته كتب فيه:
“إن الحوامة كانت على ارتفاع منخفض عن الأرض وأن الجسم الخلفي للحوامة لم يتحطم بشكل كبير، أي مخروط الذيل. شفرات الجناح الدوار أو ما يسمى بالشفرات الرئيسية لم تتحطم، هذا دليل على انخفاض الحوامة أو قد تكون ملامسة للأرض. غرفة الركاب ضررها متوسط. القطع المتناثرة للحوامة هي على مسافة قريبة من الحوامة. أما كبينة القيادة أو قمرة القيادة متهشمة بشكل كبير وفيها بعض الحروق، قد يكون حدث انفجار في كبينة القيادة أو قمرة القيادة، وهنا يجب معاينة جثث الطيار والطيار المساعد للتأكد من وجود حروق على أجسادهم. المتوقع أن الطيار حاول الهبوط ولكن الانفجار الذي حدث بالكبينة كان هو الأسرع بتفجير الحوامة وارتطامها بالأرض ومقتل جميع الركاب. هناك دليل يؤخذ به وهو مكالمات الطيار الأخيرة بينه وبين المحطات الأرضية، هل طلب مساعدة أم أبلغ عن عطل أو أي شيء غريب يحدث في الكبينة أو بقيادة الحوامة. حتى المكالمات كأنها أُخفيت، لو أنها موجودة لسهل كشف مكان وجود هبوط الحوامة ولا داعي للبحث كثيرًا.”
على هذا التحليل ربما يكون التفجير مدبرًا وقد يكون داخليًا ومن قبل بعض الجهات داخل السلطات الإيرانية بسبب الخلافات الأخيرة بين الرئيس والمرشد على محاولة المرشد تعيين ابنه نائبًا له ليضمن استلامه مكانه، وكذلك على الديون الخارجية على سوريا وغيرها التي يريد الرئيس تسديدها مالًا، في حين يتطلع المرشد ومن معه إلى أخذها مواقع في هذه الدول. ولهذا، فربما يكون الحرس الثوري أو غيره تدخل لإسكات الرئيس، كما أنه لا يمكن إغفال فرضية الهجوم السبراني الدقيق والمحكم على الطائرة خصوصًا وأنها على الحدود الأذربيجانية ولا يخفى على الجميع النشاط المخابراتي الإسرائيلي والأمريكي في أذربيجان، والذي وجد ضالته بإسقاط طائرة الرئيس بهجوم سبراني لشيء سوى لإثبات قوته وإظهار هزالة وضعف إيران أمام العالم. فهي على ما يبدو كيان هزيل من الناحية العلمية والصناعية على الرغم من كل الضجيج الذي يثار حول قدراتها النووية أو الصاروخية أو غيرها. وهذا ما كان واضحًا ليس في هذه المرة فحسب بل في الهجوم الخلبي الذي شنته على إسرائيل، والذي لم تصل فيه أغلب مسيراتها أو صواريخها إلى أهدافها، فهناك من ظل طريقه وتاه وأخرى سقطت قبل الوصل وبعضها أُسقط، وما وصل منه كان خلبيا وصوت ضجيجه كما هو صوت المفرقعات.
استنادًا إلى هذه السياقات، هل سقطت الطائرة أم أُسقطت؟ لم تأتِ الإجابة الأكيدة بعد، والحرس الثوري يقول باستكمال التحقيقات. لكننا لاحظنا تناقضًا في الحديث عن الرئيس السابق، ففي الوقت الذي أطلق فيه الإعلام الإيراني صفة شهيد عليه، رأينا أن المرشد والمسؤولين الإيرانيين لم يطلقوا هذه الصفة عليه، ربما لحسابات خاصة لأن الشهادة تعني أن الرئيس قُتل بفعل فاعل، وعليه يجب تسمية الفاعل أيا كان، وهذا ما لا تستطيع القيادة الإيرانية فعله إن كان الفاعل داخليًا ولا نستطيعه كذلك إن كان خارجيًا، لأنها ستطالب بالرد وقد رأينا ردها الهزيل السابق وهذا ما قد يحرجها أمام الإيرانيين الذين يزدادون حنقًا وغضبًا على هذه السلطة مما قد يؤدي إلى حدوث مشاكل جديدة السلطة بغنى عنها في ظل الاحتقان المزمن بينها وبين الشعب.
في ضوء ما سلف نجد أن إيران هزيلة على كافة المستويات، ولم تنجح إلا على المستوى الطائفي بتحشيد الجهلة والرعاع على المكونات الأخرى العرقية والطائفية مستخدمة أبناء تلك الأعراق التابعين مذهبيًا لها والتابعين بالمتاجرة بقضايا الأمة والشعارات الرنانة من أمثال الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، والتي هي في حقيقتها كذبة تستخدمها السلطات الإيرانية للمتاجرة بالقضايا الإسلامية بعيدًا عن الحقيقة والواقعية، مستخدمة هذه المنظومة وتحت هذه الشعارات لتدمير الدول المحيطة بها والتي احتلت عواصمها بطريقة غير مباشرة كالعراق واليمن وسوريا ولبنان، سعيًا للتحكم بالمنطقة وتحقيق مكاسب عالمية بادعاء قوتها التي لا تمت للحقيقة والواقع بصلة بل هي ناتجة عن ضعف محيطها العربي وترك العالم الحبل لها على الغارب فيما تقوم به من تدمير.
اقرأ أيضاً: محاكمة غيابية لمسؤولين بالنظام السوري في فرنسا