سوريامقالات الرأي

الجولاني يواصل محاولته في التمدد بريف حلب الشمالي

وكالة الصحافة السورية أجرت حواراً مع عدد من الناشطين في ريف حلب

وكالة الصحافة السورية أجرت حواراً مع عدد من الناشطين في ريف حلب

لا يملّ الجولاني وعصابته من محاولتهم المتكرّرة لتمددهم في ريف حلب، رغم الرفض الشعبي الواسع ووجود جميع المناهضين لسياسته في المنطقة.

فمنذ نهاية عام 2014 بدأت “جبهة النصرة” بمهاجمة فصائل الجيش الحر “جبهة ثوار سوريا، وحركة حزم” ومواصلتها محاربة أكثر من 25 فصيلاً جميعهم يؤمنون بالثورة، بدى واضحاً أن هدف زعيم التنظيم هو إكمال ما بدأه النظام السوري ضدّ معارضيه والوصول لمن عجز عنهم النظام، كما حصل من العديد من الضباط المنشقين والثوار السوريين.

ويرى مراقبون أن سياسة الجولاني التي يتخذها في إدلب كالقبضية الأمنية وحالة تكميم الأفواه يحاول نقلها إلى ريف حلب، رغم توثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال عصابته لـ 2541 شخصاً بينهم نساء وأطفال منذ بداية ظهور تنظيمه في سوريا وحتى اليوم، تحوّل معظمهم لمختفين قسرياً.

هجوم عفرين والانسحاب الصوري!
شهدت مناطق سيطرة الجيش الوطني في ريف حلب نهاية عام 2022 هجوماً واسعاً من قبل عصابات الجولاني، تركزت في سيطرته على مدينة عفرين ومناطق في ريف إعزاز، قبل تدخّل القوات التركية وفرض اتفاق لوقف إطلاق النار، والانسحاب الشكلي لعناصر الجولاني باتجاه إدلب، في حين أكد ناشطون أن هؤلاء العناصر قاموا بتبديل راياتهم بأعلام بعض الفصائل التي شاركتهم في هجومهم كالحمزات والعمشات.

الجولاني برّر هجومه بما سماها الحالة الأمنية المخترقة في ريف حلب ومزاعم انتشار المخدرات والدعارة وفوضى السلاح في المنطقة، معتبراً أن أيّ خطة عمل أمنية أو سياسية أو عسكرية في الريف الشمالي تفشل أمام تعدد الفصائلية، بسبب امتلاك كل فصيل مفرزة أمنية خاصة وقضاء خاص وحواجز وقوانين خاصة بهم.

وزعم الجولاني أن “تجربة إدلب” هي الأمثل في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، مستعرضاً الفوارق بينها وبين مناطق الريف الشمالي على المستويات السياسية والخدمية والعسكرية، واصفاً إدلب بالدولة التي تسعى لتوحيدها مع بقية مناطق الشمال.

هجوم “عولان” وفشل التوسّع
مجدداً فَشِلَ الجولاني بتمدده في ريف حلب بعد اندلاع اشتباكات بين عناصره والمتحالفين معه من جهة وفصائل الجيش الوطني من جهة أخرى شهر أيلول الماضي.

وفرض الجانب التركي وقفاً لإطلاق النار بعد اشتداد الاشتباكات ووقوع قتلى وجرحى بين الطرفين وسط حالة نزوح للأهالي، حيث اندلعت الاشتباكات عقب دخول “تجمع الشهباء” للقتال إلى جانب “أحرار عولان” وعناصر الجولاني، وسيطرتهم على قريتي صوران اعزاز واحتيملات قبل انسحابهم منها.

ورغم الاتفاق لا تزال قوات “أحرار عولان” المتهمة بالارتباط بعصابات الجولاني تسيطر على معبر الحمران الفاصل بين مناطق الجيش الوطني وميليشيا قسد.

مفتي إعزاز: الجولاني كشف عن وجهه كعدوٍ للثورة
استبعد مفتي مدينة إعزاز الشيخ محمود الجابر محاولة تمدد عصابات الجولاني في ريف حلب خلال الفترة الحالية، بعد فشله في المرّات السابقة وخروج المظاهرات المناهضة له، مؤكداً أنه في حال شنِّ أي هجوم من قبل الجولاني سيتفاجئ بردّ الأهالي قبل العسكريين.

ولفت مفتي إعزاز خلال حديثه لوكالة الصحافة السورية إلى محاولة الجولاني تسويق مشروعه وادّعائه تغيير سياساته السابقة، مؤكداً أن الجولاني يعتمد على مبدأ “التقية” التي يظهر فيها عكس ما يبطن، وهو ضدّ الثورة ومبادئها، وقد كشف عن وجهه كعدو للثورة السورية.

وشدّد الجابر على أن الجولاني لجأ إلى أمور أخرى بعد فشله في التمدد منها “التفرقة بين الفصائل والعوائل، والسعي لزرع الفتنة”، مضيفاً أنه لن يفلح بالسيطرة على المنطقة، بسبب حرص الأهالي على أن يبقى ريف حلب بدون “رايات سود” وكذلك حتى لا تتعرض المنطقة للخطر وأن تستباح من قبل التحالف الدولي كما يحدث في ريفي إدلب وحلب الغربي.

واعتبر أن الموقف التركي “متقلّب” رغم الرفض الواسع لدخول الجولاني بقوة عسكرية في السابق وحتى الآن، لافتاً إلى أن الأمر يجب أن يعود للفصائل العسكرية وأن تقول “لا للجولاني”، كما أعرب عن طمأنينته من عدم دخول الجولاني إلى المنطقة، مشدداً على أن الأهالي جميعهم سيكونون سداً منيعاً وصفاً واحداً في أيّ محاولة تقدم.

الخيار الوحيد هو التصدي
الناشط محمد ناصيف قال في حديث لوكالة الصحافة السورية: إن الجولاني حاول مراراً السيطرة على ريف حلب، ولاقى تصدّياً واسعاً من قبل الأهالي والفصائل العسكرية الموجودة في المنطقة، عازياً السبب إلى كشف مآرب الجولاني ومشاريعه على أرض الواقع.

وأضاف ناصيف أن الجولاني يعتمد خططاً بديلة غير الهجوم العسكري المباشر، منها محاولته شراء الذمم والولاءات من الفصائل بعد الرفض الشعبي والعسكري من وجوده في المنطقة، مشدداً على أن الجولاني يعتمد على زرع الفتنة بين فصائل ريف حلب عبر لقاءات يجريها مع عدد من الشخصيات حتى ضمن الفصيل الواحد.

ويرى الناشط محمد أن الجولاني أُحرج أمام جنوده الذين يرون زعيمهم يدير ظهره لنظام الأسد ويهاجم المناطق المحررة والفصائل العسكرية في ريف حلب.

وأكّد ناصيف أنه سيتم التصدي للجولاني في حال تفكيره بالتمدد شمال حلب، خاصة وأنه يسعى لتسليم إدلب لتكون له نقطة جديدة للتسليم، وبالتالي القضاء على آخر جيوب للثورة، مشدداً على أن الخسائر في حال اندلاع مواجهات ضد عصابات الجولاني لن تكون أكبر من الخسائر التي ستخسرها الثورة في حال تمكّن الجولاني من ريف حلب، ولذلك الخيار الوحيد هو التصدي.

وحول انتهاكات الجولاني، أشار ناصيف إلى أن سيطرة الجولاني تعني ازدياد الخطف والجريمة المنظمة ضد المهجّرين والمقيمين في ريف حلب، حيث يوجد الكثير من المناهضين لمشروع الجولاني والرافضين لعمليات تسليم المناطق السورية، وجميعهم سيكونون مهددين بالخطف والاعتقال والقتل.

وشدد ناصيف على أن تركيا تصنّف الجولاني وهيئته كتنظيم إرهابي، ولا يمكن القبول بوجوده في مناطق “الوصاية التركية”، معتبراً أن القوات التركية كان لهم موقف واضح خلال الهجمات الأخيرة كنشر مدرعاتها العسكرية وتشكيل غرف عمليات.

الجولاني أنهى خططه في ريف حلب
أمّا الناشط الإعلامي محمد أبو شرفو فاعتبر أن الجولاني أنهى جميع خططه بعد انتشار عناصره في ريف حلب، ولم يعد لديه حاجة في أيّ عملية ضد المنطقة.

وأضاف “أبو شرفو” أن مصير الأهالي لن يتغير في الوقت الحالي إن حاول الجولاني فرض ذات السلطة الحاكمة في إدلب ولن تنجح أبداً بسبب وجود الحكومة السورية المؤقتة، إلا أن المكاسب المالية حصل عليها في هجوم عفرين وقضية معبر الحمران.

وبالنسبة لعمليات الاعتقال فأفاد الناشط الإعلامي أنها لم تتوقف منذ سيطرة الجولاني على المنطقة كحال العديد من الحالات التي شهدتها المنطقة من خطف ونقل إلى محافظة إدلب.

وأكد الناشط الإعلامي أن الموقف التركي وفق ما يظهر هو رافض لوجود الهيئة بسبب تصنيفها كمنظمة إرهابية.

الوطني يخسر حاضنته وتركيا تتعامل مع الأقوى
يرى معتز ناصر المدون والناشط السياسي أن ريف حلب يعيش منذ عام 2017 وحتى اليوم فوضى كبيرة بكل الصعد، يتحمل الجانب التركي جزءاً كبيراً من كفلها، ولا يُعفَى الجيش الوطني من مسؤوليته المباشرة كونه أداة التنفيذ، وهذا كلّف الجيش الوطني خسارة الحاضنة الشعبية بشكل كبير وفي وقت قياسي، ما جعل ممانعة الحاضنة لدخول الهيئة تتضاءل مع الزمن، بل بات قطاع واسع منها يؤيد وجود صيغة تفاهم وتنسيق مشترك بين ما تبقى من فصائل ثورية محلية سئمت من حالة الجيش الوطني العبثية، واستنزاف المقدرات بقتالات لا طائل منها، وتنهك الثورة، وصارت تفكر جديا بالبناء العسكري الحقيقي بشكل جديد، فأنتجت مجتمعة تحالف “القوة الموحدة”، الذي يمثّل توجهه قسماً كبيراً من سكان شمال حلب، بسبب انتماء الفصائل المشكّلة له لهذه البيئة، مع الأخذ بعين الاعتبار تغير خطاب وسلوكيات الهيئة بشكل ملحوظ عما كان عليه في بداياته، وضجر الناس من انتهاكات الجيش الوطني وفوضاه، وفشل المؤسسات المحلية الكبير في شمال حلب، كل هذه المتغيرات أسهمت بصنع واقعٍ جديد يخصّ التعاطي مع الهيئة، مع التشديد على عدم انتقال مسماها لريف حلب لما يشكله التصنيف من مشكلة قد تحصل للمنطقة، وهو أمرٌ لا يغيب عن بال أحد، ويؤخذ بعين الاعتبار عند جميع الأطراف الفاعلة، وفق وصفه.

وأضاف ناصر أن ما يحصل اليوم ليس ما حصل في 2017 و 2018، بسبب إعادة تموضع الفاعلين المحليين بناءً على موازنات سياسية إقليمية خارجية، ولم يعد المشهد على الأرض كما كان سابقا ( فصيل يتمدد على حساب فصيل آخر بشكل دموي)، بل هناك تحالفات عسكرية ومشاريع أثبتت جديتها واقعاً فأزاحت تحالفات أخرى أثبتت فشلها وعجزها.

كما لفت المدوّن معتز إلى الإيجابيات القليلة لمشهد صراع المشاريع الذي يظلّ مؤلماً، وأن الغالبية أصبحوا أكثر وعياً لضرورة تقليل الخسائر بين المدنيين قدر المستطاع، وزاد الحرص على ضرورة الحفاظ على توصيف المنطقة بعيداً عن أي تصنيف، وبات فهم الحاضنة المدنية في عمومها لحقيقة ما يجري يجعلها أقل تحفّزا وحساسية للصراع، ما انعكس لانخراطٍ أقلّ حماساً فيه من قبل العناصر، كل ذلك يسهم في تقليل الخسائر التي مهما كانت قليلة إلا أنها تبقى مؤسفة من جميع الأطراف لأنها من مخزون الثورة الاستراتيجي.

ويشدد ناصر على أن الجميع بات يدرك أهمية الحاضنة بعد عملية “طوفان الأقصى” في فلسطين، لذلك صرنا نرى خطاباً جديداً وسلوكيات إيجابية عند الفصائل العسكرية الجادة التي تدّعي امتلاكها مشروعاً ثورياً، وبنفس الوقت الأهالي يتطلعون لأن تتوجه الفصائل لواجبها الأساسي في مواجهة النظام على الجبهات، ضمن صيغة تنسيق عسكرية واحدة، وأن تكون المؤسسات المحلية أكثر كفاءة ووطنية، وأن يكون هناك صيغة حوكمة وإدارة واحدة بنفسٍ وطني حقيقي تجمع كلّ المناطق المحررة بما يحقق أهداف الثورة ويضمن السلم الأهلي.

وبالنسبة للانتهاكات فأكد “معتز ناصر” أن تكميم الأفواه، ومصادرة الحريات أمرٌ مرفوضٌ من أي جهة كانت، وهو مصادمٌ لروح الثورة وأهدافها، وقد خلقت حالة الانقسام الواقع بين مناطق سيطرة الفصائل، وانعدام المركزية، والتدخل السلبي من بعض الأطراف الخارجية حالة مشجعة للانتهاك من بعض الأطراف المسيئة، لكن وجود مؤسسات مجتمع مدني، وتجمعات أهلية، تمثل الأهالي وتدافع عنهم، مع وجود صيغة ضبط مركزية، وحوكمة صحيحة، سيقلّل نسبة كبيرة من الانتهاكات التي قد تخرج من فصائل الجيش الوطني، أو الهيئة، وسكان الشمال باتوا يدركون أهمية المركزية في تقليل الانتهاكات، ودور فوضى السلطة والشرذمة في زيادتها.

ويختم الناشط السياسي حديثه بالقول: إن تركيا تنظر للفصائل السورية بعين المصلحة المجردة، وهي تتعامل مع الأقوى على الأرض، وقد بات الجيش الوطني بسوء إدارته، وانتهاكات بعض تشكيلاته التي زادت حتى فاضت، وأدت لضغوط خارجية على تركيا، وخسارة للحاضنة الشعبية، مع استمرار ضعف الأداء المزمن في أي استحقاق عسكري إقليمي، أدّت جميعها لاستعداد تركيا أن تقبل بأي مشروع جديد يقلب موازين القوى على الأرض في الشمال، خاصة لو كان تشاركيّاً ولا يظهر فيه فصيل بعينه يُضعف موقف الأتراك خارجياً.

تخوّف من الخطف والاعتقالات
الناشط فارس زين العابدين وصف الجيش الوطني بـ “المجسم الفارغ من الداخل”، وأن حالة الولاء باتت للقائد فقط، مستبعداً أن يكون هناك سيناريوهات متوقعة لتمدد الجولاني، خاصة إذا وافق جيش الإسلام على التهجير لمناطق شرق الفرات “تل أبيض وما حولها”، وهو ما يُبعد الهجوم المباشر.

وتحدث زين العابدين عن تخوّف عوائل مقاتلي الجيش الوطني من مضايقات الجولاني لهم، رغم الارتياح الشعبي تقريباً من دخول الجولاني لهذه المناطق لمللهم من كثرة الأخطاء عند الجيش الوطني وانصياعهم التام للضامن التركي وكثرة الاقتتال والإشتباك بين المنازل والمدن، حيث يعتقد الأهالي أن الجولاني أفضل بالنسبة للأمن الداخلي.

وأكد الناشط زين العابدين على وجود تخوّف من الخطف والاعتقال بشكل كبير من قبل ناشطين فرّوا من بطش الجولاني لمناطق ريف حلب، حتى أن بعض السكان الأصلين من اليزيديين والأكراد لديهم ذات التخوّف، مشيراً إلى أنه في حال اندلاع أيّ اشتباكات فإن الخاسر الأكبر هم المدنيون، حيث ستشهد المنطقة حركة نزوح من المخيمات المنتشرة في المنطقة ويتوقع تدمير بعض المنازل وتعطيل الحياة المدنية.

أما بالنسبة للموقف التركي فوصفه زين العابدين “بالمتبدّل”، فيما السياسة الخارجية تتحالف مع الأقوى دوماً لذلك من المتوقع أن يخسر بها الجيش الوطني.

تنويه: جميع الآراء في هذه المقالة تعبّر عن رأي صاحبها

شاهد أيضاً : منسقو الاستجابة يطلق مناشدة عاجلة لتغطية القطاعات الإنسانية شمال سوريا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى