قد لا يخفى على أحد أنّ التعليم هو أحد أهم الحقوق التي يتحلّى بها المواطن في دميع أنحاء العالم، وأقرَّ ذلك عددٌ غفيرٌ من موادٍ موجودة في والوثائق الدوليّة لحقوق الإنسان، كالمادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 13 من الاتفاقيّة الدوليّة للحقوق الاقتصادية والاجتماعيّة والثقافيّة، في حين أكدت جميع هذه المواد والمواثيق الدوليّة على أنّ الجميع له الحق في التعليم الأساسي والمجاني وتطوير قدرات هؤلاء المواطنين دون قيّد أو شرط.
عانى التعليم في جميع أنحاء القطر العربي السوري من تدهور واضح خلال سنوات الثورة والحرب مع ميليشيا أسد، ما أدى ذلك لحرمان مئات الآلاف من الطلاب والتلاميذ حق التعليم الأساسي، لتتشر الأميّة في المجتمع بنسب كبيرة ومخيفة.
ولو أخذنا محافظة دير الزور في وقتنا الحالي، ستكون من ضمن المحافظات الأكثر حرماناً للتعليم بسبب اختلاف الميليشيات التي تسيطر عليها، متعمّدة لمشاريع مؤدلجة ونشر ثقافات تلك الميليشيات في المنطقة، وتنقسم دير الزور حسب توزع السيطرة عليها إلى، مناطق تقع في سيطرى ميليشيا أسد شرقي الفرات، وتسيطر الميليشيات الإيرانيّة على غربي الفرات.
وبالحديث عن التعليم في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا أسد وإيران حول ضفّتي النهر، فقد وصل لمستويات قياسيّة بالفشل والمعاناة، ويأتي ذلك الإهمال بشكل متعمد من قبل هذه الميليشيات، فقد أهمل الأسد قطاع التعليم بسبب تمويله للحرب في سوريا ضد شعبه، ليفتح باباً لميليشا إيران لتتغلغل في المجتمعات المحليّة والتي سعت منذ سيطرتها على نشر سياسة التشيّع من خلال عدد من الأمور لعل أبرزها قطاع التعليم.
وتُقدر نسبة المدارس المدمرة غربي الفرات بـ 47 مدرسة بكثافة سكّانيّة تبلغ نسمةً واحدة فقط، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ المدرسين في تلك المناطق ليسوا من أصحاب الخبرة والكفاءة إضافةً لأنّ الرواتب التي يتقاضونها من قبل نظام الأسد لا تسد حاجاتهم اليوميّة بل لا تكفهم ليومين فقط، في ظل غلاء المعيشة والأزمة الاقتصادية التي وراؤها ميليشا أسد، إضافة لعددٍ كبيرٍ من المدراس التي تتخذها ميليشات إيران كمقرات عسكرية لها، ومدارس أخرى أصبحت منازل للمهجرين من المناطق المجاورة.
وبالحديث أكثر عن المدارس التي تقع تحت سيطرة ميليشيا قسد، فيعتبر الوضع أفضل بقليل، وذلك لتدخّل المنظمات المحليّة في قطاع التعليم ودعمه، بالرغم من أنّ تدخلها خجول جداً.
وأهلت المنظمات عدد من المدارس هناك خاصةً المناطق التي تحصّنت به داعش قبل سيطرت قسد عليها، وهي المنطقة تمتد من مدينة الشعفة وصولاً إلى الباغوز، فقد وصلت نسبة الدمار فيها لـ 80% نتيجة المعارك الوطيسة التي دارت بين داعش وقسد، وعملت بعض المنظمات كمنظمة أمل الباغوز للتنمية على مشاريع تأهيل المدارس إضافة لمشاريع تعليمية ودمج مجتمعي ومنطمات أخرى كدان وبداية وغيرهم، فقد وصل راتب المعلم في هذه المنظمات إلى 300$ أمريكي، واستقطبت هذه المنظمات عدداً غفيراً من الطلاب والتلاميذ وبعضهم من الخارجين من مخيم الهول في محاولة من هذه المظمات لدمجهم بالمجتمع ومحو أميتهم ويقدر عددهم بـ 6000 طالب منذ عام 2020م وحتى عام 2024م، وتكمن المكشلة هنا أنّ المدراس التي تغطيها المنظمات قليلة جداً ولا يتناسب مع احتياجات المطقة.
وتتمركز ميليشيا قسد في أكثر 46 مدرسة، وقد خرجت قسد م ثلاثة مدارس قبل انطلاقة العام الدراسي الحالي 2023م إلى 2024م، وتجاوز عدد الطلاب المحرومين من التدريس أكثر من 28 ألف طالب وطالبة.
وقد لا أبالغ إذا قلت أنّ مدارس الإدارة الذاتيّة تعاني بشكل كبير من سلطات الأمر الواقع، لأن الإدارة الذاتية لا تعطي اهتماماً للمدارس الحكوميّة خصوصاً أنّ دير الزور كانت عقبة أمام المناهج الدخيلة من قبل ميلشيات قسد والتي لا تتوافق مع عادات وتقاليد المنطقة.
ولا نسى أنّ أغلب المعلمين ليسوا من أصحاب الخبرة والاختصاص، وأصحاب الاختصاص يتوجهون للعمل في المنظمات المحلية المدعومة من برامج مانحة رغم قلتها.
يقول سعيد عبدالله ” اسم مستعار ” في حديث لوكالة الصحافة السورية ان المعلم محروم من أبسط الحقوق إضافة أن الراتب الذي يصل ل مليون ليرة سورية لا يعتبر الراتب الكافي لتلبية الاحتياجات المعيشية للعائلة ونضطر للدخول والعمل مع المنظمات كون هذه المنظمات لديها مناهج معتمدة وجيدة إضافة أن العمل له راتب جيد مع إدخال وسائل تعليمية جديدة للمنطقة مما يساهم في تشجيع الأطفال على الدخول إلى المدارس التابعة للمنظمات
اقرأ أيضاً: سوريا تتذيل مؤشر حرية الصحافة لعام 2024