التدخل التركي في المجالس المحلية ينسف كل تضحيات السوريين
التدخل التركي في المجالس المحلية ينسف كل تضحيات السوريين
يتسبب التدخل التركي في إدارة الشمال السوري في إحداث شرخ بين المؤسسات الحكومية والشعب. في مدينة اخترين، أدى تدخل المنسق التركي إلى استقالة رئيس المجلس المحلي، خالد الديبو، بعد خلاف نشب بينهما. قدم الديبو استقالته بعدما تم الاتفاق على الصلح بين العائلات المتخاصمة بعد نزاع مسلح وضبط الأمن. تم تنظيم ضبط بواقعة الاستقالة من قبل المنسق التركي، إلا أن الاستقالة لم تحظَ بموافقة أغلبية الأعضاء والبلديات، الذين طالبوا بعودة رئيس المجلس إلى عمله وعدم قبول الاستقالة لصالح العامة.
في المقابل، يدعو أبناء ووجهاء اخترين إلى إجراء انتخابات ديمقراطية تتيح لأبناء المنطقة اختيار ممثلين عنهم في المؤسسات الحكومية التي يعتبرونها جزءًا من الشعب.
تعمد الحكومة التركية، ممثلة بولاية كلس، والحكومة السورية المؤقتة، إلى فرض قراراتهما بعيدًا عن الإجراءات القانونية المتبعة للمجالس المحلية، بما في ذلك الانتخابات المحلية. قامت هذه الحكومات بتشكيل مجلس محلي جديد للمدينة بعيدًا عن الانتخابات، إلا أن هذه المحاولات لم تحظَ بموافقة الأهالي بعد أكثر من خمس محاولات. تم طرح أسماء لا تتناسب مع التمثيل العادل، ليتفاجأ الأهالي بصدور قرار رقم 18 بتاريخ 31-5-2024 عن وزير الإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة بتعيين أعضاء ورئيس مجلس ونائب، مما أثار غضب الأهالي. أصدر الأهالي عدة بيانات رافضة للقرار، معتبرين إياه معدومًا ومخالفًا لقانون الإدارة المحلية وغير شرعي، ويخضع لإملاءات منسق المنطقة في ولاية كلس دون أي رد فعل من الحكومة المؤقتة أو وزارة الإدارة المحلية والخدمات، رغم مقاطعة أغلبية المكاتب للعمل.
تتطور الاحتجاجات لتأخذ منحى مختلفًا يومًا بعد يوم، مما قد يؤدي إلى تداعيات سلبية في المنطقة إذا لم يتم التراجع عن قرار الوزارة أو إلغاؤه، وفقًا للأهالي.
تلقت عوائل اخترين دعوة من الجانب التركي للاطلاع على التطورات، حيث أُخبروا بأن طلبهم بإجراء انتخابات وتسوية القضية سيتم الاستجابة له. ولكن على أرض الواقع، فوجئ الأهالي بتاريخ 9-6-2023 بأمر من والي كلس، حيث قامت آليات الشرطة المدنية والعسكرية باقتحام مبنى المجلس بالقوة، وترهيب الأهالي، وفرض أنفسهم كقوة أمر واقع.
من جانب آخر، حصلت وكالة الصحافة على معلومات تفيد بتعرض أعضاء المجلس لتهديدات من قبل مساعد والي كلس. حيث تلقى بعض أعضاء المجلس تهديدات من ديوان مساعد الوالي لإجبارهم على التوقيع على ضبط استقالة رئيس المجلس، على الرغم من أن ذلك ليس ضروريًا أصلاً. أدى هذا إلى إحراج المنسق التركي، مما دفعه إلى تهديد الأعضاء. تجدر الإشارة إلى أنه لا يحق لأحد فصل عضو من دون أغلبية وبقرار صادر عن المجلس.
تستمر احتجاجات الأهالي السلمية المطالبة بنقل السلطة بشكل سلمي وديمقراطي. تعبيرًا عن غضبهم، قاموا بقطع الطرقات والتنديد بسياسة تركيا في اخترين. ومع ذلك، لم يظهر أي دور للحكومة السورية المؤقتة التي تلتزم الصمت بعد استخدام القوة العسكرية ضد الأهالي والمجلس. يجدر بالذكر أن مجلس ناحية اخترين المحلي يشرف على 65 قرية ومزرعة وبلدة، موزعة على سبعة مجالس بلديات تقدم الخدمات لها، ويبلغ عدد سكانها حوالي 115 ألف نسمة.
يحمل الأهالي ووجهاء وعوائل اخترين المسؤولية الكاملة للحكومة السورية المؤقتة، التي أصبحت أداة بيد الحكومة التركية ومساعد والي كلس التركي، حيث تصدر بيانات اعتماد أو تعيين للمجالس المحلية بعيدًا عن الانتخابات الديمقراطية التي نادى بها الشعب السوري منذ انطلاقة الثورة.
يعتقد الأهالي أن هذه الحكومة لا تمثل طموحات الشعب السوري ولا يمكن أن تمثلهم بعد أن عرضت نفسها لخطر مخالفة القوانين الصريحة التي أصدرتها، وخاصة قانون الإدارة المحلية.
ويبقى السؤال في أذهان السوريين الذين خرجوا مطالبين بالحرية والكرامة والديمقراطية: هل خرجنا في هذه الثورة لنكرر أفعال حزب البعث باسم الثورة السورية؟ لقد خرجنا مطالبين بالديمقراطية ونريد تطبيقها على أرض الواقع بعيدًا عن المحاصصة والأوامر الخارجية التي تأتي من الجانب التركي.
اقرأ أيضاً: حافظ الأسد .. سجلٌّ دموي وظلمٌ وقمعٌ لسوريا