لعله ليس من الخطأ القول بأن السيطرة على شرق سوريا هو الحلم الذي كانت إيران تخطط له منذ عام 1979 حسب تقرير نشرة معهد المجلس الأطلسي في وقت سابق.
قد يستغرب القارئ سبب هذا الاهتمام بمدينة البوكمال النائمة على شاطئ الفرات في أقصى الشرق السوري.
تمتد أطماع إيران في هذه المدينة لعشرات السنين،
بداية التغلغل كانت في عام 1981 حينما أنشأ جميل الأسد شقيق حافظ الأسد جمعية الإمام المرتضى وحاول التدخل في محافظة دير الزور.
وانتسب لها عدد من الأشخاص إلا أن حافظ الأسد قرر إغلاقها عام 1983 و اعتقال عديد من منتسبيها،
انتقلت إيران بعدها لخطة بديلة وهي كسب نخب مجتمعية آنذاك من أهالي المنطقة.
كانت بدايتها بنقل المساعد في الجيش “عمر الحمادي” والذي كان يخدم في درعا إلى محافظته دير الزور
بعد دعمه بالمال والسلطة لتنفيذ مخطط إيران
بدأ الحمادي بعمليات التجنيد ونجح في تجنيد عدد لابأس به من أبناء عمومته وأشخاص لهم ثقلهم الإجتماعي منهم في مناطقهم.
أبرز هؤلاء ياسين المعيوف لتبدئ الشراكة بينهما لتحقيق ما تطلبه طهران منهم، ثم انضم لهما المدعو حسين الرجا ( أحد أبرز رجال الشيعة في حطلة لاحقاً ) اكتشف أهالي دير الزور تلك النوايا الخبيثة بوقت مبكر، وبالأخص البوكمال التي كانت عصية على ذلك المشروع وغيرها من المناطق في ريف ديرالزور، لكنهم للأسف نجحوا في التأثير على عدة بلدات منها حطلة ومراط والحصان والحسينية، عدة عوامل دفعت البعض من أهالي البلدات للالتحاق بهؤلاء، الرواتب الشهرية تراوحت بين 100 دولار وصولاً ل 150 دولار بينما كان راتب الموظف لا يتجاوز ال 50 دولار
وبقيت البوكمال وريفها من المدن التي لم تتأثر بكل المغريات آنذاك.
حتى عند محاولة جمعية الإمام المرتضى التقرب دينياً من الأهالي حيث قامت بإنشاء مسجد الزهراء والذي كان من المقرر أن يتم تحويله إلى حسينية لكن قوبل هذا الأمر برفض شعبي
أحد أسباب رفض الأهالي لكل مايأتي من إيران ونظام الأسد ولحكم حافظ الأسد وبشكل قطعي لدى أكثر أبناء المدينة
العديد من الأهالي كانوا يرون بالعراق ورئيسه الراحل صدام حسين يشبههم أكثر من حافظ أسد نفسه وذلك بسبب القرب الجغرافي والاجتماعي من العراق، ويتم تداول قصة في أحد الانتخابات الرئاسية لحافظ الأسد والتي جرت خلال فترة الثمانينات،
أن أحد كبار السن كان ذاهباً للانتخابات فسأله أحد عناصر الأمن مستهزئاً من ستنتخب؟
فأجاب سأنتخب صدام حسين، ويذكر أنه خلال أحد مباريات كرة القدم، في تصفيات كأس العالم لقارة آسيا فاز المنتخب العراقي على المنتخب السوري فأطلق الأهالي النار فرحاً بفوز المنتخب العراقي.
وفي حادثة أخرى لم تتطرق لها وسائل الإعلام
وهي انتفاضة البوكمال في عام 1991
أثناء الحرب العراقية مع دول التحالف أو ما تسمى عملية ثعلب الصحراء.
جاءت المظاهرات تنديداً بالقصف على مدينة القائم وبعض المناطق القريبة من البوكمال.
خرجت مظاهرة باتجاه معبر البوكمال القائم فمنعهم الأمن السوري وما يسمى سابقاً كتائب البعث من الوصول إلى المعبر و اعترضتهم عند مرورهم باتجاه جسر السويعية، فعاد الأهالي غاضبين واجتمع الناس في ساحة الفيحاء وكانت أول صرخة تطلق ضد نظام حافظ الأسد حينها في عز رعب الدولة الأمنية تم على إثر المظاهرة اعتقال مايقارب ال 52 شخصاً،
تراوحت فترات اعتقالهم بين ال 11 شهراً والستين وقد وصلت بعض الأحكام لل 12 سنة حكم.
دخول شركة الصفا عام 2007
شركة الصفا هذا الاسم الوهمي الذي يخفي ورائه إدارته من الحرس الثوري الإيراني، والتي دخلت المنطقة بذريعة بناء سكة حديدية فبدأت بالتقرب من العوائل الريفية
إضافة إلى محاولتها جمع عائلات موظفي الساحل المقيمين في البوكمال، لكن حتى هذه العوائل رغم انتمائها الطائفي لطائفة أخرى رفضت وضع يدها بيد إيران.
وهذه كانت من اقوى الصفعات التي واجهها نظام الأسد وإيران في المدينة.
كانت البوكمال تشكل عقدة لدى إيران ومطامعها
لذلك عمد نظام الأسدين الاب والابن لإذلال تلك المدينة وحرمانها من أبسط الخدمات.
البوكمال والثورة
عاد اسم البوكمال للبزوغ من جديد عند انطلاقة الثورة السورية، فكانت من أولى المدن الثائرة بوجه الأسد الإبن
وكانت تعد قلعة محافظة دير الزور من الجهة الشرقية
حتى عام 2018.
وبعد خسارة تنظيم الدولة المعارك في البوكمال ودخول المليشيات الإيرانية، ظهر الحقد الإيراني على هذه المنطقة حيث تدخل أكثر من 18 فصيل عراقي من فصائل الحشد الشعبي وفصائل أفغانية و باكستانية اضافة إلى قيادة مباشرة من قاسم سليماني للسيطرة على البوكمال مستخدمين كل أنواع الاسلحة.
محاولات الهيمنة الإيرانية
ومن هنا بدأت الهيمنة الإيرانية على المدينة أمام أعين العرب جميعاً حيث تعمل ليل نهار على محاولة تشييع المدينة عبر أساليب الترغيب والترهيب
فهل يحقق الإيرانيون حلمهم الذي يحلمون به منذ ما يقارب ال 40 عام؟
اقرأ أيضاً: مع اقتراب مؤتمر بروكسل.. الأردن يحذر من تراجع دعم السوريين