الإمارات والأردن ولبنان يرفضون هيمنة “الإسلاميين” على سوريا
اجتماع العقبة يشهد تبايناً في المواقف العربية
تزامناً مع تصاعد التوترات في سوريا وتزايد التدخلات الإقليمية والدولية في شؤونها أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية بأن الإمارات والأردن ولبنان أعربوا عن رفضهم القاطع لأي هيمنة إسلامية على سوريا في المستقبل، وذلك خلال اجتماع عُقد في مدينة العقبة الأردنية.
جاء هذا الموقف في سياق تصريحات لدبلوماسيين عرب شاركوا في الاجتماع، مما يعكس القلق العميق الذي تشعر به هذه الدول من احتمال سيطرة الجماعات الإسلامية المتشددة على السلطة في سوريا.
أعربت كل من الإمارات والأردن ولبنان عن معارضتها بشدة تمكين من وصفتهم بـ “الجماعات الإسلامية المتطرفة” في سوريا، خوفاً من تأثيرات سلبية محتملة على استقرار المنطقة ككل.
وترى هذه الدول في تلك الجماعات تهديداً مباشراً لنظمها الحاكمة ومصالحها الوطنية، كما أن هذا الموقف ينبع من رغبتها في كبح جماح النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، حيث تعتبر هذه الدول أن الإسلاميين المتشددين يمكن أن يكونوا حلفاء طبيعيين لإيران.
أسباب الموقف الإماراتي والأردني واللبناني:
الاستقرار الداخلي: الإمارات والأردن ولبنان لديهم تجارب سابقة مع حركات إسلامية متشددة، والتي أدت في بعض الحالات إلى زعزعة الاستقرار الداخلي، لذا تخشى هذه الدول من أن يسمح تمكين “الإسلاميين” في سوريا بإنشاء قواعد جديدة لهم، مما قد يؤثر سلباً على أمنها الداخلي.
النفوذ الإيراني: هناك مخاوف من أن تساهم “الجماعات الإسلامية المتطرفة” في تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة، فإيران لديها تاريخ طويل في دعم جماعات مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، وبالتالي فإن دعم الإسلاميين في سوريا يمكن أن يكون وسيلة لزيادة تأثيرها ونفوذها.
موقف تركيا وقطر والسعودية:
على الجانب الآخر، أظهرت تركيا وقطر والسعودية مرونة أكبر تجاه فكرة إشراك “هيئة تحرير الشام” في أي إدارة جديدة في سوريا، وهذا التوجه يعكس تبايناً كبيراً في الرؤى الاستراتيجية بين الدول العربية حول مستقبل سوريا.
أسباب الموقف التركي والقطري:
دعم الفصائل المسلحة: تركيا وقطر تدعمان بعض “الفصائل الإسلامية” المسلحة في سوريا، وتعتقدان أن تمكين هذه الفصائل يمكن أن يساهم في تحقيق توازن قوى مع النظام السوري السابق المدعوم من روسيا وإيران، أما تركيا فهي على وجه الخصوص، لديها مصالح استراتيجية في شمال سوريا وتريد ضمان أن يكون لها نفوذ في أي تسوية مستقبلية.
التوازن الإقليمي: قطر وتركيا تسعيان إلى الحفاظ على توازن إقليمي في مواجهة التحالفات الأخرى، بدعمهما للإسلاميين المعتدلين، يمكنهما مواجهة النفوذ الإيراني المتزايد والنظام السوري السابق الذي تدعمه روسيا.
الموقف السعودي:
أما السعودية، فرغم معارضتها التقليدية للإسلاميين، إلا أنها أبدت استعداداً لإعادة النظر في بعض مواقفها تجاه سوريا، وقد يكون هذا التوجه نابعاً من استراتيجية جديدة تهدف إلى مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا وتعزيز نفوذها الإقليمي.
أسباب التغير في الموقف السعودي:
التكيف مع الواقع الجديد: السعودية ربما تعيد تقييم استراتيجيتها في ضوء التطورات الميدانية والسياسية، وتبحث عن سبل جديدة للتأثير على مستقبل سوريا بما يضمن مصالحها.
التحديات الإقليمية
مع تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة، قد ترى السعودية أن التحالف مع بعض الفصائل الإسلامية المعتدلة يمكن أن يكون وسيلة لمواجهة هذا النفوذ.
تداعيات التباين في المواقف:
يعكس التباين الكبير في مواقف الدول العربية تعقيد الأزمة السورية وتشابك المصالح الإقليمية والدولية فيها، وهذا التباين قد يعيق جهود التسوية السياسية في سوريا، حيث يتطلب الأمر توافقات معقدة بين مختلف الأطراف المعنية.
تعقيد جهود التسوية: مع اختلاف الرؤى والمصالح بين الدول الإقليمية، يصبح من الصعب التوصل إلى تسوية شاملة ومتفق عليها، هذا يعني أن الصراع قد يستمر لفترة أطول، مع استمرار معاناة الشعب السوري.
توازن القوى: التباين في المواقف يعكس أيضاً توازن القوى الإقليمي والدولي، كل طرف يسعى لضمان مصالحه، مما يؤدي إلى مزيد من التعقيدات في المشهد السياسي والعسكري في سوريا.
في ظل هذه الظروف، يبقى مستقبل سوريا مرهوناً بتوازنات القوى الإقليمية والدولية، وسط آمال بأن تثمر هذه الاجتماعات عن رؤية مشتركة تضمن استعادة الاستقرار والسلام للشعب السوري.
شاهد أيضاً بدر جاموس يدعو إلى حوار سوري – سوري لتطبيق القرار 2254