السوريون في المهجر

ازدياد نسبة الطلاق في بلاد اللجوء

ازدياد نسبة الطلاق في بلاد اللجوء

الطلاق هو نهاية مؤلمة لعلاقة كانت في يوم من الأيام مليئة بالحب والتفاهم، لكنه قد يتحول إلى محطة ضرورية حين تتعثر الحياة الزوجية وتصبح العلاقة مصدرًا للتوتر والمعاناة. ومع ذلك، فإن هذه النهاية لا تأتي دون ثمن، إذ إن هناك من يدفع الثمن.

في الحروب والكوارث، تضطر العائلات للنزوح إلى بلاد أكثر أمانًا. وقد شهدت الدول التي استقبلت موجات كبيرة من اللاجئين زيادة ملحوظة في حالات الطلاق بين اللاجئين، مما يزيد من تعقيدات الحياة في بلد اللجوء. هناك عوامل عديدة تجعل الحياة أكثر صعوبة، كما أن هناك أسبابًا تزيد من حالات الطلاق.

الوضع الاقتصادي من أهم هذه العوامل، حيث يجد اللاجئون أنفسهم في مواجهة تحديات اقتصادية عند وصولهم إلى بلد اللجوء وصعوبة في إيجاد عمل يناسب قدراتهم، والتكيف مع مستويات الحياة في ظل غلاء المعيشة. كل هذا يشكل ضغوطًا مالية تؤثر على الحياة الزوجية وتزيد من وتيرة الخلافات.

كذلك، اختلاف الثقافات والعادات والتقاليد وصعوبة التأقلم يزيد من هذه الضغوطات. تقول السيدة نهلة: “كنت أعيش في بلدي حياة مستقرة وهادئة، لا تشوبها أي مشاكل ولا يعكر صفوها شيء، وكنت أسعى مع زوجي إلى تطوير حياتنا من أجل بناء أسرة سعيدة. لم نختلف يومًا، وإن اختلفنا كان خلافنا كسحابة صيف سرعان ما تزول. عندما اندلعت الحرب في بلدي، اضطررنا للنزوح بحثًا عن الأمان. كانت الرحلة صعبة، وفي النهاية استقرينا في بلد جديد وقررنا أن نبدأ من جديد. مع مرور الوقت، بدأت وجهات النظر تختلف بيني وبين زوجي بشأن أمور الحياة، وواجهنا صعوبات وتحديات عدة.”

وتضيف: “وجدنا أنفسنا في مجتمع جديد بثقافة لا تشبه ثقافتنا، وعادات لا تشبه عاداتنا، ولغة جديدة، مما زاد من ضغوطات الحياة. السعي لإيجاد عمل لتأمين متطلبات الحياة وغلاء المعيشة كان تحديًا كبيرًا. في بلد اللجوء، تتغير الديناميكيات الأسرية بشكل كبير؛ فالنساء اللواتي كُنّ يعتمدن على أزواجهن في بلدهن يجدن أنفسهن مطالبات بالمساهمة في الدخل واتخاذ القرارات، مما يؤدي إلى تغير الأدوار التقليدية داخل الأسرة وخلق صراعات بين الزوجين.”

اختلاف العادات والتقاليد، وصعوبة التكيف معها في المجتمع المضيف، حيث تختلف المبادئ والقيم، يؤدي إلى اختلاف في طريقة التفكير بين الزوجين. تقول السيدة نهلة: “واجهت صعوبات وتحديات كثيرة في بلد اللجوء، ووصلت لطريق مسدود. ازدادت حدة الخلافات، وتغيرت الأدوار، والحالة النفسية تدهورت، وكل ذلك أدى إلى شرخ كبير في حياتي الزوجية. حينها لم يعد لدينا خيار سوى الطلاق. اتخذت قراري بعد عدة محاولات لإنقاذ زواجنا، لكن دون جدوى. كل شيء حولنا تغير.”

وتستطرد: “بعدها، بدأت حالتي النفسية تسوء يومًا بعد يوم. غربة، تهجير، وطلاق؛ كلها تركت في نفسي جرحًا عميقًا. التقيت بصديقة في طريقي إلى عملي كانت لي كالبلسم. احتوتني، وحاولت جاهدة تخفيف حزني وألمي، ومنحتني جرعة من التفاؤل بأن الحياة لا تقف عند شيء.”

الطلاق يؤدي إلى تفكك الأسرة، مما يخلق بيئة غير مستقرة للأطفال الذين هم ضحايا الصدمات والحروب، وقد يواجهون صعوبة في التكيف مع الوضع الجديد مما يؤثر على صحتهم النفسية. وبعد الطلاق، تجد النساء أنفسهن مضطرات لإعالة أسرهن بمفردهن، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية في بلد اللجوء. قد يكون من الصعب على النساء إيجاد عمل مناسب أو الحصول على دعم كاف.

كذلك، الطلاق يؤدي إلى تفاقم مشاكل الاندماج الاجتماعي، حيث يواجه اللاجئون العديد من التحديات في بناء علاقات اجتماعية جديدة في بلد اللجوء. فالطلاق يزيد من عزلة الأفراد ويصعّب عليهم التكيف مع المجتمع الجديد.

إن ازدياد نسبة الطلاق في بلاد اللجوء ظاهرة معقدة تتداخل فيها عوامل اقتصادية، اجتماعية، ونفسية. ورغم صعوبة الظروف التي يواجهها اللاجئون، من الضروري توفير الدعم اللازم لتقليل تأثير هذه الظاهرة وحماية الأسر من الانهيار في ظل هذه الظروف الصعبة. الطلاق ليس مجرد إنهاء علاقة بين شخصين؛ بل قد يترك آثارًا عميقة على الجميع. وعلى الرغم من أن كل طرف يدفع ثمنًا، فإن الأطفال غالبًا ما يتحملون العبء الأكبر من التبعات. لهذا، فإن البحث عن حلول ودية واتفاقات عادلة قد يخفف من حدة الآثار السلبية ويجعل من الطلاق تجربة أقل إيلامًا للمجتمع.

اقرأ أيضاً: بعد الغارات المتكررة.. خارجية الأسد تدين قصف السيدة زينب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى