سوريا

إدلب وكتم أصوات الصحفيين والصحفيات كي لا تُنقل الصورة

إدلب وكتم أصوات الصحفيين والصحفيات كي لا تُنقل الصورة

بعيدًا عن ضجة معرض الكتاب في إدلب، يتبع الجولاني سياسة كتم أصوات الصحفيين/ات في إدلب كي لا ينقلوا الواقع المرير الذي يحدث هناك، خصوصًا المظاهرات التي بدأت ميليشيات الجولاني قمعها من خلال “شبيحة” بمظهر مدني، ونقلهم عبر سيارات من مكان إلى آخر لقمع المتظاهرين، وآخرها الاعتداء بالضرب المهين على امرأة أمام مقر لجنة رد المظالم، وضرب رجل مسن أيضًا، واعتقال من كان يصور المظاهرات حتى من على شرفات المنازل. والكثير من الإعلاميين كانوا متواجدين في مكان الحدث ولم يستطيعوا تصوير ما يحدث نتيجة الخوف والقمع الوحشي الذي حدث أمامهم.
إصدار البطاقة الصحفية من قبل وزارة الإعلام التابعة لـ”حكومة الجولاني” للهيمنة على المنطقة وكتم الأصوات المعارضة لها أو منع خروج شيء عبر الإعلام ضد سياستها.
بدأت حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام في إدلب بتقييد حرية الصحافة والعاملين في هذا المجال عبر سحب البطاقات الصحفية من كل من لا يلتزم بسياستها. وبدأت هذه الحكومة مؤخرًا بسياسة سحب البطاقات من يد العديد من الصحفيين والصحفيات بذرائع مختلفة، مثل مخالفة قانون الإعلام المفروض من قبل “حكومة الإنقاذ”. وبسحب هذه البطاقة يتوقف الصحفي عن العمل والنشاطات بشكل كامل، لعدم قدرته على التنقل بحرية والحصول على إذن تصوير وإجراء المقابلات وإعداد تقارير مرئية أو مكتوبة أو مسموعة، ويصل الأمر إلى سحب المعدات أيضًا.
عملت هيئة تحرير الشام أيضًا على توجيه تهم للمصورين الصحفيين من خلال التهديد المباشر أو من خلال التحريض ضد الإعلاميين بواسطة وجهاء المنطقة والأبواق التابعة لهم أو ما يعرف بالجيش الإلكتروني الذي يعمل بحسابات وهمية.
أصبح العديد من الإعلاميين والنشطاء يخشون على حياتهم نتيجة التهديدات المتكررة، ووصل الحال إلى عدم قدرتهم على رفع عدساتهم لتصوير أي حدث يتعلق بالمنطقة، خصوصًا الانتهاكات التي تحصل بحق المدنيين.

من جهته، نشر المصور الصحفي عمر حاج قدور منشورًا على منصة فيسبوك يعبر فيه عن سوء الحال في المنطقة، وكتب: “أكثر من ٤٠٠ صحفي وإعلامي وناشط (بما فيهم أنا) في مدينة إدلب وريفها شمال غرب سوريا اتخذوا وضعية المزهرية تجاه ما حدث قبل قليل وسط مدينة إدلب، الحريات عبدق في سابع أرض، ياحيف أخ وياحيف”.

هذا الحال جعل الكثير من الإعلاميين يخشون على حياتهم من الضرب أو الإهانة أو الاعتقال من قبل أجهزة الأمن التابعة لهيئة تحرير الشام. أيضًا، في منشور آخر لأحد الزملاء الصحفيين في إدلب، فضل عدم الكشف عن اسمه خشية الاعتقال أو سحب بطاقته الصحفية، قال: “أصواتنا أصبحت مكتومة، وعدساتنا تتجه نحو الأسفل خشيةً على حياتنا. ما حدث اليوم في إدلب وخلال ثوانٍ قليلة أعادني بالذاكرة إلى عام ٢٠١١ عندما كان شبيحة الأسد يقمعون المتظاهرين، ورجال الدين شامتون بما يحدث بحقهم. اليوم كنت شاهداً على مشاهد القمع الوحشية بحق المتظاهرين. أنا، كصحفي، لم أجرؤ على رفع كاميرتي لتغطية الحدث، ولم أستطع أن أتحدث عما حصل، بسبب حجم الإجرام الذي وصل إلى اقتحام منازل المدنيين الذين كانوا يصورون مشاهد القمع من شرفات منازلهم”.
ما حدث اليوم كان على بعد أمتار قليلة من معرض الكتاب، وهذه التشديدات الأمنية في إدلب ليست لحماية من يحضرون المعرض، بل لمنع وصول المتظاهرين إليه. الطريقة الوحشية التي استخدمها شبيحة الجولاني نسفت كل تضحيات الشعب السوري ولا تدل على أننا نعيش في يوم لدينا فيه حرية الرأي وكرامة الإنسان فوق كل شيء.

من جهة أخرى، حاول الناشطون في عموم الشمال السوري إطلاق حملة توصل صوت الصحفيين والقمع الذي يتعرضون له من قبل حكومة الجولاني تحت عنوان “الصحافة ليست جريمة”. وشارك عشرات الناشطين صورهم وهم يضعون أيديهم على أفواههم كرسالة بأن صوت الإعلاميين والصحفيين في إدلب مكتوم تمامًا نتيجة القمع. وأرفق الناشطون منشورًا موحدًا يعبر عن غضبهم وسوء الحال الذي وصلوا إليه: “أصواتنا أصبحت مكتومة، وعدساتنا مغلقة كي لا نتعرض للإهانة وخشيةً على حياتنا من الاعتقال، لأن الصحافة في #إدلب أصبحت تُعتبر جريمة تُحاكم عليها السلطات المستبدة”.

كل هذه المخاطر تحيط بالصحفيين والصحفيات في إدلب، وهناك من يسعى ليقول إن إدلب تنعم بالحريات. لكن بالواقع”هيئة تحرير الشام” متورطة بالكثير من الانتهاكات بحق الصحفيين والصحفيات ضمن مناطق سيطرتها، واعتقلت وقتلت منهم الكثير منذ بداية تواجدها في سوريا، وتمارس بحقهم سياسة تكميم الأفواه ومنع حرية التعبير. في ذات الوقت، تحاول تجميل صورة الجولاني من خلال المعارض والمولات التي تفتتح بين الحين والآخر.

اقرأ أيضاً: ألمانيا بين الأمن القومي والالتزامات الإنسانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى