ما سبب سعي الدول العربية لتطبيع العلاقات مع دمشق؟
منذ بداية الثورة السورية في عام 2011، شهدت العلاقات بين دمشق والدول العربية توتراً وانقطاعاً، إذ قررت جامعة الدول العربية تعليق عضوية دمشق ريا في عام 2012، وسحبت معظم الدول العربية سفرائها منها، وفرضت عقوبات اقتصادية وسياسية على نظام الأسد . كما دعمت بعض الدول العربية الثورة السورية ، وأيدت التدخلات الخارجية في شؤون سوريا.
لكن في الآونة الأخيرة، بدأت هذه العلاقات تشهد تغييراً وتحسناً تدريجياً، إذ أبدت عدة دول عربية رغبتها في استعادة علاقاتها مع دمشق، والتواصل مع نظام الأسد ، والمساهمة في حل الحرب في سوريا بشكل سياسي. كما ظهرت مؤشرات على إمكانية عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، وإنهاء حالة التجاهل والحصار التي فرضت عليها.
يمكن إرجاع جزء كبير من التغيير في الموقف العربي تجاه سوريا إلى التطورات الميدانية التي حسمت صالح نظام الأسد في مواجهة الفصائل المسلحة المعارضة له، بدعم من حلفائه روسيا وإيران وحزب الله. فبعد أن كان النظام يواجه خطر الخسارة والسقوط ، استطاعت أن تستعيد سيطرتها على معظم أراضيها وتحافظ على وحدته وسلامته. وهذا دفع بالدول العربية إلى إدراك أن استمرار عزل سوريا لن يخدم مصالحهم، بل قد يزيد من نفوذ إيران وروسيا في المنطقة.
شاهد أيضاً : بعد زيارته للسعودية وزير خارجية الأسد يزور الجزائر
كما رصد تغير في الموقف الأمريكي تجاه سوريا، خصوصاً بعد تولي جو بايدن الرئاسة في يناير 2021. فبالرغم من أن إدارة بايدن لم تغير من سياسة عدم التفاوض مع دمشق أو رفع العقوبات المفروضة عليها، إلا أنها أظهرت اهتماماً أكبر بالحل السياسي للحرب السورية، وشجَّعت دول المنطقة على المشاركة في هذه العملية. كما أن إدارة بايدن خفضت من حضورها العسكري في شمال شرق سوريا، حيث تدعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مما خفف من التوتر مع تركيا، التي بدورها تعتبر هذه القوات إرهابية.
على المستوى الاقتصادي، ترى بعض الدول العربية فرصة في إحياء التجارة والاستثمار مع سورية، خصوصاً في مجالات إعادة الإعمار والطاقة . كما تسعى هذه الدول إلى تسهيل حركة التبادل والتنقل بينها وبين سورية، بما يخدم مصالح شعوبها.