مرّت عشرات السنوات على اكتشاف ثروات سوريا الباطنية وعلى وجه الخصوص النفط والتي تعتبر حق للشعب قبل أي دولة أو حكومة، إلا أنّ الحكّام الذين حكموا سوريا بالقمع والقوة وصولاً للأحزاب التي وصلت لمناطق الثروات بعد ثورة عام 2011م لم تكن أقلّ نزاهة من السابقين.
يؤكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أنّ للمواط الحق في خيرات بلاده، وله الحق في أن يستثمرها بفسه، وفي الحقيقة هذا الكلام يطبق على الدول التي تحترم مواطنيها ويتمتع مواطني تلك الدول بكامل حقوقهم، أما في الوطن العربي وعلى وجه الخصوص في “سوريا” والتي خضعت للحكم البعثي الأسدي بالقوة والعسكرة والانقلاب، ليتعرض النفط السوري للسرقة العلنية تقريباً في عهد حكم رأس نظام الأسد السابق حافظ ثم رأس نظام الأسد الحالي بشار الأسد.
وشهدت سوريا خلال حقبة عام 1957م وحتى عام 1963م انتعاش اقتصادي هام جداً، وبعد استلام حزب البعث مفاصل الحياة في سوريا، فقدت العديد من الموارد والثروات التي تمتلكها أرض سوريا وكان أبرزها النفط، وتعتبر محافظة دير الزور من أغنى المحافظات السورية بثروة النفط، ولن نبالغ إذا قلنا أنها تعوم على محيط عملاق من النفط، تليها محافظة الحسكة.
وبعدما وصل رأس النظام السابق حافظ أسد إلى حكم سوريا مع حزبه، حتى تتحول سوريا إلى سوق سوداء بمواردها له وللعائلة الحاكمة بما فيها النفط، حتى عندما تم تعيين وزير للنفط كان بأمر رئاسي وعلاقة الوزير آنذاك فقط برأس النظام السابق حافظ الأسد، وذلك وصولاً لإنشاء أول شركة نفط الفرات عام 1980م بأمر من رأس النظام السابق حافظ الأسد، حيث كان لحافظ المقبور الأسهم الشرائية الأكثر والتي قُدرت بـ 65%، ولم يكتفي حافظ بذلك بل أدخل عائلته بشكل كامل للعمل على نهب ثروات البلاد الباطنيّة، حيث دخلت شركة هولندية كان يقوم بتسير أعمالها محمد مخلوف الأخ البار لأنيسة زوجة المقبور حافظ الأسد.
وقام مخلوف بإشاء شركة ليدز النفطيّة التي أسسها بالشراكة مع زار مخلوف، ومع مرور الوقت سحبت عائلة مخلوف معظم عقود شركات إنتاج البترول مثل “توتال الفرنسيّة” وتوقيع عقود مع شركات جديدة كان رامي مخلوف وكيلها الحصري في سوريا كشركة بتروكندا.
وفي إحصائيات تقريبية أظهرت احتياطي النفط في سوريا على مستوى العالم والذي قُدِّر بـ 14% عالمياً، بمعدل إنتاج يومي يصل إلى 300 ألف برميل يومياً تقريباً، وهذه إحصائيى تقريبية بسبب عدم وجود إحصائية حقيقية على عهد المقبور حافظ، وقد وصل إنتاج النفط بالبرميل لعام 2008م إلى 406 ألف برميل حسب شركة “بريتش بتروليوم” البريطانية في عهد رأس نظام الأسد بشار الأسد، وقد وصلت مبيعات النفط سنوياً بي 6 وحتى 7 مليار دولار أمريكي قبل عام 2011م بداية انطلاق الثورة السورية.
إلا أنّ محافظة دير الزور عات من التهميش المقصود بشكل واضح حيث أنّها وريفها نالا النصيب الأكبر من ذلك، وذلك من خلال إهمال القطاع التعليمي والصحي والخدمي، وزاد ذلك وصولاً لفقرٍ، ما جعل سكان المحافظة والريف يتوجهون للهجرة خارج البلاد إلى الخليج العربي.
ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011م وتحديداً بعد تحرير دير الزور من نظام الأسدن أصبحت حقول البترول بأيدي أهالي المنطقة، ولم تصب العائدات في خدمة الثورة والثوار، إنما عاد لبغض العائلات والتي كانت تدعم بشكل مباشر وقليل على بعض فصائل الجيش الحر سابقاً، وعند دخول تنظيم داعش لم تكن الأمور أفضل من السابق بل على العكس تماماً، بل هاجم التنظيم الحقول النفطيّة والاستيلاء عليها وكانت هذه الحقول هدف للتنظيم في الحقيقة، لمَ تُعطِه هذه الحقول من عائدات ماديّة، حيث قُدرت وقتها بـ 40 مليون دولار شهرياً حسب ماورد في تقرير للخزانة الأمريكية والتي كات تُباع عبر سماسرة، حيث كات تنجت هذه الحقول بشكل يومي 40 ألف برميل وبعد خروج تنظيم داعش منها، سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطيّة “قسد” لتكو قسد فاسدة كما البقية، بل حطمت الرقم القياسي بذلك، حيث كانت تعود العائدات لحزب العمال، دون أن يكو للشعب أي مردود، وقد قُدّر الناتج اليومي للنفط 3،4 مليو دولار يومياً، دون وجود حصّة منه للشعب، وقد وصل الناتج الكلي لللآبار في دير الزور الواقعة تحت سيطرة قسد جميعها بـ 28 ألف برميل يومياً، يتم توزيعها على ثلاثة جهات، فالأولى كانت نصيب رأس نظام الأسد حيث كان التهريب من خلال وكلاء لنظام الأسد كشركة القاطرجي، من خلال طرق برية اتجاه الرقة عبر معابر نهرية في بلدتي الشحيل وذيبان، أما الجهة الثانية، كانت نصيب إقليم كردستان ليتم بيع النفط لعدد من الشركات داخل الإقليم، والحصة الثالثة وهي الأقل بين كل الحصص والتي تباع لمناطق المعارضة عبر تجار ووكلاء.
ارتفعت في هذه السنوات نسبة البطالة بشكل كبير ولأرقام قياسية وزادت من هجرة الشباب وأطماع الدول المحتلة كإيران وروسيا، خاصة في مناطق شرق الفرات.
اقرأ أيضاً: الدفاع المدني يخمد حريقين في ريف إدلب